صلوات الله و سلامه عليك يا ايها الشهيد عبد الله المحض

صلوات الله و سلامه عليك يا ايها الشهيد عبد الله المحض

عدد الزيارات من لوحة التحكم في الموقع

7 juin 2016

باسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا محمد الرؤوف الرحيم و على بيته الطاهرين الكرماء المصطفي الاخيار المنتجبين نتبرك باغنية الشريفة فاطمة الزهراء العروسي و بالشريف مولاي احمد العروسي و كل الشرفاء العروسيين لتكون ايامنا المقبلة كلها افراح و سعادة تبدا بهزيمة حزب العدالة و التنمية الوهابي شر هزيمة هو و حلفاؤه في7.10.2016 لتاتي بفضل الله و رحمته حكومة و زراء يزيدون في اجور الشعب المغربي و ينصفون المتصرفين المغاربة و يوقفون هذا الغلاء الظالم لحكومة الوهابيين لعنهم الله . الشرفاء العروسيين هل تعلم ان جدهم هو الامام جعفر الصادق الامام السادس لشيعة اهل البيت و الامام الحسين الامام الثالث .صلاة الله و سلامه عليهم

باسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا محمد الرؤوف الرحيم و على بيته الطاهرين الكرماء المصطفي الاخيار المنتجبين نتبرك باغنية الشريفة فاطمة الزهراء العروسي و بالشريف مولاي احمد العروسي و كل الشرفاء العروسيين لتكون ايامنا المقبلة كلها افراح و سعادة تبدا بهزيمة حزب العدالة و التنمية الوهابي شر هزيمة هو و حلفاؤه في7.10.2016 لتاتي بفضل الله و رحمته حكومة و زراء يزيدون في اجور الشعب المغربي و ينصفون المتصرفين المغاربة و يوقفون هذا الغلاء الظالم لحكومة الوهابيين لعنهم الله . الشرفاء العروسيين هل تعلم ان جدهم هو الامام جعفر الصادق الامام السادس لشيعة اهل البيت و الامام الحسين الامام الثالث .صلاة الله و سلامه عليهم
صلاة الله و سلامه على الشريف مولاي احمد العروسي و على كل الشرفاء العروسيين في كل مكان. احفاد الامام جعفر الصادق و الامام الحسين عليهم الصلاة و السلام . و نتبرك بهم و جعل الله فرجنا و غنانا و سعادتنا على ايديهم في عافية و سلامة و ثروة و امان و هناء و فرح


و نتبرك باغنية الشريفة فاطمة الزهراء العروسي لتاتينا الافراح عاجلا بسحق حزب النذالة و التعمية و حلفائه الخونة في 7.10.2016
و تعويضهم بحكومة تنصف رجال التعليم و المتصرفين و كل الموظفين و الشعب المغربي بالزيادة في اموالهم و اجورهم و تخفيض الاسعار التي تسبب في نيرانها الوهابيون الدواعش في الحكومة




نسب الولي الصالح الشريف “الشيخ سيدي أحمد العروسي”


الشيخ سيدي أحمد العروسي من ذرية السيد محمد بن علي بن القاسم الشبية بن محمد الديباج بن الامام جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر بن الامام زين العابدين بن الامام الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأمه فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وسلم) وكلاهما ينتسب الى بنو هاشم أشهر بطون قبيلة قريش العربية. واللقب جاء عن طريق جدهم السيد محمد وكتب التاريخ ذكرت السيد علي وقالت يعرف أولاده ببني العروس ومن الواضح انه ليس للسيد علي أولاد سوى ولد واحد وهو محمد. والتسمية مازالت معنا الى يومنا الحاضر وبقية التسمية جارية في اولادة سواء بالمشرق او بالمغرب الكل معروفة باولاد العروس أو اولاد العروسي.وشجرة نسبهم كالتالي:

نتبرك بالشرفاء العروسيين


  
ليخلصنا الله من  اعداء الاسلام الوهابيون المتواجدون في الحكومة الان و ياتوننا 
الشرفاء العروسيين
بالافراح و المسرات و الغنى ابتداء من 7.10.2016
تقول الاغنية الرائعة لبنت الامام جعفر الصادق السيدة فاطمة الزهراء العروسي
بفضل الله
انت فرح انت شطح 
من اليوم الهمسة في بح
و انت عيش لا تبكيش
دير الفرحة ماح ماح
يا الله انخلقو السعادة
و اللي فقلبو شي حاجة 
يجي يكولها دابا 
و اللي خاصو شي حاجة  
يكولها مرحباااااااااااااااااااا
اللهم صل و سلكم و بارك على سيدنا محمد و ال بيته الطيبين الطاهرين الاكرمين





نبذة عن الامام الحسين  ثم بعد ذلك نبذة عن الامام جعفر الصادق




الإمام الثالث : أبو عبد الله الحسين بن علي سيد الشهداء ( عليه السلام )
هو ثالث أئمة أهل البيت الطاهر ، وثاني السبطين ، وسيدي شباب أهل الجنة ، وريحانتي المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) ، وأحد الخمسة أصحاب الكساء ، وسيد الشهداء ، وأمه فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
ولادته ( عليه السلام ) : ولد في المدينة المنورة في الثالث من شعبان سنة ثلاث أو أربع من الهجرة ، ولما ولد جئ به إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فاستبشر به ، وأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ، فلما كان اليوم السابع سماه حسينا ، وعق عنه بكبش ، وأمر أمه أن تحلق رأسه وتتصدق بوزن شعره فضة ، كما فعلت بأخيه الحسن ، فامتثلت ( عليها السلام ) ما أمرها به .
خصائصه ( عليه السلام ) : إن حياة الإمام الحسين من ولادته إلى شهادته حافلة بالأحداث ،
- ص 151 -

والإشارة - فضلا عن الإحاطة - إلى كل ما يرجع إليه يحتاج إلى تأليف مفرد ، وقد أغنانا في ذلك ما كتبه المؤلفون والباحثون عن جوانب حياته ( عليه السلام ) ، حيث تحدثوا في مؤلفاتهم المختلفة عن النصوص الواردة من جده وأبيه في حقه ، وعن علمه ومناظراته ، وخطبه وكتبه وقصار كلمه ، وفصاحته وبلاغته ، ومكارم أخلاقه ، وكرمه وجوده ، وزهده وعبادته ، ورأفته بالفقراء والمساكين ، وعن أصحابه والرواة عنه ، والجيل الذي تربى على يديه . وذلك في مؤلفات قيمة لا تعد ولا تحصى .
كفاحه وجهاده الرسالي : غير إن للحسين ( عليه السلام ) وراء ذلك ، خصيصة أخرى وهي كفاحه وجهاده الرسالي والسياسي الذي عرف به ، والذي أصبح مدرسة سياسية دينية ، لعلها أصبحت الطابع المميز له ( عليه السلام ) والصبغة التي اصطبغت حياته الشريفة بها ، وأسوة وقدوة مدى أجيال وقرون ، ولم يزل منهجه يؤثر في ضمير الأمة ووعيها ، ويحرك العقول المتفتحة ، والقلوب المستنيرة إلى التحرك والثورة ، ومواجهة طواغيت الزمان بالعنف والشدة . وها نحن نقدم إليك نموذجا من غرر كلماته في ذلك المجال حتى تقف على كفاحه وجهاده أمام التيارات الإلحادية والانهيار الخلقي .
إباؤه للضيم ومعاندة الجور : لما توفي أخوه الحسن في السنة الخمسين من الهجرة أوصى إليه بالإمامة فاجتمعت الشيعة حوله ، يرجعون إليه في حلهم وترحالهم ، وكان لمعاوية عيون في المدينة يكتبون إليه ما يكون من الأحداث المهمة التي لا توافق هوى السلطة
- ص 152 -

الأموية المنحرفة ، والتي قد تؤلف خطرا جديا على وجودها غير المشروع ، ولقد كان هم هذه السلطة هو الإمام الحسين ( عليه السلام ) لما يعرفونه عنه من موقف لا يلين ولا يهادن في الحق ، ومن هنا فقد كتب مروان بن الحكم - وكان عامل معاوية على المدينة - : إن رجالا من أهل العراق ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي وأنه لا يأمن وثوبه ، ولقد بحثت عن ذلك فبلغني أنه لا يريد الخلاف يومه هذا ، ولست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده . ولما بلغ الكتاب إلى معاوية كتب رسالة إلى الحسين وهذا نصها : أما بعد ، فقد انتهت إلي أمور عنك إن كانت حقا فإني أرغب بك عنها ، ولعمر الله إن من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء ، وإن أحق الناس بالوفاء من كان في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك الله لها . . . ( 1 ) .
ولما وصل الكتاب إلى الحسين بن علي ، كتب إليه رسالة مفصلة ذكر فيها جرائمه ونقضه ميثاقه وعهده ، نقتبس منها ما يلي : " ألست قاتل حجر بن عدي أخا كندة وأصحابه المصلين ، العابدين ، الذين ينكرون الظلم ، ويستفظعون البدع ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما أعطيتهم الأيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة ، ولا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ، جرأة على الله واستخفافا بعهده ؟ أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله ، العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه واصفر لونه ، فقتلته بعد ما أمنته وأعطيته العهود ما لو فهمته العصم لنزلت من شعف الجبال ( 2 ) .

( 1 ) الإمامة والسياسة 1 : 163 .
( 2 ) أي قممها وأعاليها . ( * )
 
- ص 153 -

أولست المدعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد بن ثقيف فزعمت أنه ابن أبيك ، وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " الولد للفراش وللعاهر الحجر " ، فتركت سنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تعمدا وتبعت هواك بغير هدي من الله ، ثم سلطته على أهل الإسلام يقتلهم ، ويقطع أيديهم وأرجلهم ، ويسمل أعينهم ، ويصلبهم على جذوع النخل ، كأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك .
أولست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم على دين علي - صلوات الله عليه - فكتبت إليه : أن اقتل كل من كان على دين علي ، فقتلهم ومثل بهم بأمرك ، ودين علي هو دين ابن عمه ( صلى الله عليه وآله ) الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك ، وبه جلست مجلسك الذي أنت فيه ، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف آبائك تجشم الرحلتين رحلة الشتاء والصيف " ( 1 ) .
هذا هو الحسين ، وهذا هو إباؤه للضيم ودفاعه عن الحق ونصرته للمظلومين في عصر معاوية . وذكرنا هذه المقتطفات كنموذج من سائر خطبه ورسائله التي ضبطها التاريخ .

( 1 ) الإمامة والسياسة 1 : 164 . ( * )

 
- ص 154 -

الإمام الحسين ( عليه السلام ) وكربلاء رفضه البيعة ليزيد : لما هلك معاوية في منتصف رجب سنة 60 هجرية كتب يزيد إلى الوليد بن عتبة والي المدينة أن يأخذ الحسين ( عليه السلام ) بالبيعة له ، فأنفذ الوليد إلى الحسين ( عليه السلام ) فاستدعاه ، فعرف الحسين ما أراد ، فدعا جماعة من مواليه وأمرهم بحمل السلاح وقال : " اجلسوا على الباب فإذا سمعتم صوتي قد علا فادخلوا عليه ولا تخافوا علي " .
وصار ( عليه السلام ) إلى الوليد فنعى الوليد إليه معاوية ، فاسترجع الحسين ( عليه السلام ) ثم قرأ عليه كتاب يزيد بن معاوية ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : " إني لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سرا حتى أبايعه جهرا فيعرف ذلك الناس " ، فقال له الوليد : أجل ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : " فتصبح وترى رأيك في ذلك " فقال الوليد : انصرف على اسم الله تعالى ، فقال مروان : والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى يكثر القتلى بينكم وبينه ، احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه ، فوثب عند ذلك الحسين ( عليه السلام ) وقال : " أنت يا بن الزرقاء تقتلني أو هو ؟ كذبت والله وأثمت " ثم خرج ( 1 ) .
وأصبح الحسين من غده يستمع الأخبار ، فإذا هو بمروان بن الحكم قد عارضه في طريقه فقال : أبا عبد الله إني لك ناصح فأطعني ترشد وتسدد ، فقال : " وما ذاك قل أسمع " فقال : إني أرشدك لبيعة يزيد ، فإنها خير لك في دينك وفي

( 1 ) الإرشاد : 200 . ( * )

 
- ص 155 -

دنياك ! ! فاسترجع الحسين وقال : " إنا لله وإنا إليه راجعون وعلى الإسلام السلام إذا بليت الأمة براع مثل يزيد ، ثم قال : يا مروان أترشدني لبيعة يزيد ! ! ويزيد رجل فاسق ، لقد قلت شططا من القول وزللا ، ولا ألومك ، فإنك اللعين الذي لعنك رسول الله وأنت في صلب أبيك الحكم بن العاص ، ومن لعنه رسول الله فلا ينكر منه أن يدعو لبيعة يزيد ، إليك عني يا عدو الله ، فإنا أهل بيت رسول الله الحق فينا ينطق على ألسنتنا ، وقد سمعت جدي رسول الله يقول : الخلافة محرمة على آل أبي سفيان الطلقاء وأبناء الطلقاء ، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه . ولقد رآه أهل المدينة على منبر رسول الله فلم يفعلوا به ما أمروا فابتلاهم بابنه يزيد " ( 1 ) .
خروجه من مكة ومكاتبة أهل الكوفة له : ثم إن الحسين غادر المدينة إلى مكة ، ولما بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد فاتفقوا أن يكتبوا إلى الحسين رسائل وينفذوا رسلا طالبين منه القدوم إليهم في الكوفة ، لأن القوم قد بايعوه ونبذوا بيعة الأمويين ، وألحوا في ذلك الأمر أيما إلحاح ، مبينين للإمام ( عليه السلام ) أن السبل ميسرة والظروف مهيأة لقدومه ، حيث كتب له وجهاؤهم من جملة ما كتبوه : " أما بعد ، فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار ، فإذا شئت فأقبل على جند لك مجندة " .
ولما جاءت رسائل أهل الكوفة تترى على الحسين ( عليه السلام ) أرسل ابن عمه مسلم ابن عقيل - رضوان الله عليه - إلى الكوفة ممثلا عنه لأخذ البيعة له منهم ، وللتحقق

( 1 ) الخوارزمي ، مقتل الحسين 1 : 184 - 185 . ( * )

 
- ص 156 -

من جدية هذا الأمر ، ثم كتب إليهم : " أما بعد ، فإن هانئا وسعيدا قدما علي بكتبكم ، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم ، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ، ومقالة جلكم أنه ليس علينا إمام فاقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق والهدى ، وإني باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل ، فإن كتب إلي : أنه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قدمت علي به رسلكم ، وقرأته في كتبكم ، فإني أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله ، فلعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب ، القائم بالقسط ، الدائن بدين الحق ، الحابس نفسه على ذات الله " ( 1 ) .
ثم خرج الإمام من مكة متوجها إلى الكوفة يوم التروية أو يوما قبله مع أهل بيته وجماعة من أصحابه وشيعته ، وكان كتاب من مسلم بن عقيل قد وصل إليه يخبره ببيعة ثمانية عشر ألفا من أهل الكوفة ، وذلك قبل أن تنقلب الأمور على مجاريها بشكل لا تصدقه العقول ، حيث استطاع عبيد الله بن زياد بخبثه ودهائه ، وإفراطه في القتل ، أن يثبط همم أهل الكوفة ، وأن تنكث بيعة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، ويقتل سفيره بشكل وحشي بشع .
ولما أخذ الإمام ( عليه السلام ) يقترب من الكوفة استقبله الحر بن يزيد الرياحي بألف فارس مبعوثا من الوالي عبيد الله بن زياد لاستقدامه وإكراهه على إعطاء البيعة ليزيد ، وإرساله قهرا إلى الكوفة ، فعند ذلك قام الإمام وخطب بأصحابه وأصحاب الحر بقوله : " أيها الناس إن رسول الله قال : من رأى سلطانا جائرا مستحلا حرم الله ناكثا لعهد الله ، مخالفا لسنة رسول الله ، يعمل في عباده بالإثم والعدوان ، فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله ، ألا

( 1 ) المفيد ، الإرشاد : 204 . ( * )

 
- ص 157 -

وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد ، وعطلوا الحدود ، واستأثروا بالفئ ، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله ، وأنا أحق من غير " ( 1 ) .
الدافع الواقعي للهجرة إلى العراق : رغم أن الدافع الظاهري لهجرته ( عليه السلام ) إلى العراق كانت رسائل أهل الكوفة ورسلهم حتى أن الإمام احتج بها عندما واجه الحر بن يزيد الرياحي وعمر بن سعد عندما سألاه عن سر مجيئه إلى العراق فقال : " كتب إلي أهل مصركم هذا أن أقدم " ( 2 ) .
إلا أن السر الحقيقي لهجرته ( عليه السلام ) رغم إدراكه الواضح لما سيترتب عليها من نتائج خطرة ستودي بحياته الشريفة - وهو ما وطن نفسه ( عليه السلام ) عليه - يمكن إدراكه من خلال الاستقراء الشامل لمسيرة حياته ، وكيفية تعامله مع مجريات الأحداث .
إن الأمر الذي لا مناص من الذهاب إليه هو إدراك الإمام ( عليه السلام ) ما ينتجه الإذعان والتسليم لتولي يزيد بن معاوية خلافة المسلمين رغم ما عرف عنه من تهتك ومجون وانحراف واضح عن أبسط المعايير الإسلامية ، وفي هذا مؤشر خطر على عظم الانحراف الذي أصاب مفهوم الخلافة الإسلامية ، وابتعادها الرهيب عن مضمونها الشرعي . ومن هنا فكان لا بد من وقفة شجاعة تعيد للأمة جانبا من رشدها المضاع وتفكيرها المسلوب .
إن الإمام الحسين ( عليه السلام ) قد أعلنها صراحة بقوله لما طالبه مروان بن الحكم بالبيعة ليزيد ، حيث قال : " فعلى الإسلام السلام إذا بليت الأمة

( 1 ) الطبري ، التاريخ 4 : 304 حوادث سنة 61 ه‍ ،ولمعرفة ما جرى على الإمام وأهل بيته حتى نزل أرض كربلاء راجع المقاتل
( 2 ) الإرشاد : 224 - 228 . ( * )

 
- ص 158 -

براع مثل يزيد " كما عرفت سابقا . نعم إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : " صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي ، وإذا فسدا فسدت أمتي ، قيل : يا رسول الله ومن هما ؟ فقال : الفقهاء والأمراء " ( 1 ) ، فإذا كان صلاح الأمة وفسادها رهن صلاح الخلافة وفسادها ، فقيادة مثل يزيد لا تزيد الأمر إلا عيثا وفسادا .
إن القيادة الإسلامية بين التنصيص والشورى ، ولم يملك يزيد السلطة لا بتنصيص من الله سبحانه ولا بشورى من الأمة ، وهذا ما أدركه المسلمون آنذاك حيث كتبوا إلى الحسين ( عليه السلام ) رسالة جاء فيها : أما بعد فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها أمرها وغصبها فيئها وتأمر عليها بغير رضى منها ، ثم قتل خيارها واستبقى شرارها ( 2 ) .
ولم يكن الولد ( يزيد ) فريدا في غصب حق الأمة ، بل سبقه والده معاوية إلى ذلك كما هو معروف ، وليس بخاف على أحد ، وإلى تلك الحقيقة المرة يشير الإمام علي ( عليه السلام ) في كتاب له إلى معاوية ، حيث يقول : " فقد آن لك أن تنتفع باللمح الباصر من عيان الأمور ، فقد سلكت مدارج أسلافك بادعائك الأباطيل واقتحامك غرور المين والأكاذيب ، وبانتحالك ما قد علا عنك ، وابتزازك لما قد اختزن دونك فرارا من الحق وجحودا لما هو ألزم لك من لحمك ودمك مما قد وعاه سمعك ، وملئ به صدرك ، فماذا بعد الحق إلا الضلال المبين " ( 3 ) .
هذا ونظائره المذكورة في التاريخ ما دفع الحسين إلى الثورة ، وتقديم نفسه

( 1 ) القمي ، سفينة البحار 2 : 30 مادة أمر .
( 2 ) ابن الأثير ، الكامل 2 : 266 - 267 ، الإرشاد : 203 .
( 3 ) نهج البلاغة / الكتاب 65 . ( * )
 
- ص 159 -

وأهل بيته قرابين طاهرة من أجل نصرة هذا الدين العظيم ، مع علمه بأنه وفقا لما تحت يديه من الإمكانات المادية لن يستطيع أن يواجه دولة كبيرة تمتلك القدرات المادية الضخمة ما يمكنها من القضاء على أي ثورة فتية ، نعم إن الإمام الحسين ( عليه السلام ) كان يدرك قطعا هذه الحقيقة ، إلا أنه أراد أن يسقي بدمائه الطاهرة المقدسة شجرة الإسلام الوارفة التي يريد الأمويون اقتلاعها من جذورها .
كما أن الإمام ( عليه السلام ) أراد أن يكسر حاجز الخوف الذي أصاب الأمة فجعلها حائرة مترددة أمام طغيان الجبابرة وحكام الجور ، وأن تصبح ثورته مدرسة تتعلم منها الأجيال معنى البطولة والتضحية من أجل المبادئ والعقائد ، وكان كل ذلك بعد استشهاد الإمام ( عليه السلام ) ، والتاريخ خير شاهد على ذلك .
كان المعروف منذ ولادة الإمام الحسين ( عليه السلام ) أنه سيستشهد في العراق في أرض كربلاء وعرف المسلمون ذلك في عصر النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ووصيه ، لذا كان الناس يترقبون حدوث تلك الفاجعة ، كما أن هناك الكثير من القرائن التي تدل بوضوح على حتمية استشهاده ( عليه السلام ) ، ومن ذلك :
 1 - روى غير واحد من المحدثين عن أنس بن الحارث الذي استشهد في كربلاء أنه قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : " إن ابني هذا يقتل بأرض يقال لها كربلاء ، فمن شهد ذلك منكم فلينصره " فخرج أنس بن الحارث فقتل بها مع الحسين ( عليه السلام ) ( 1 ) .
 2 - إن أهل الخبرة والسياسة في عصر الإمام كانوا متفقين على أن الخروج إلى العراق يكون خطرا كبيرا على حياة الإمام ( عليه السلام ) وأهل بيته ، ولأجل ذلك أخلصوا له النصيحة ، وأصروا عليه عدم الخروج ، ويتمثل ذلك في كلام أخيه محمد بن الحنفية ، وابن عمه ابن عباس ، ونساء بني عبد المطلب ، ومع ذلك اعتذر لهم الإمام

( 1 ) الإصابة 1 : 81 / 266 . ( * )

 
- ص 160 -

وأفصح عن عزمه على الخروج ( 1 ) .
 3 - لما عزم الإمام المسير إلى العراق خطب وقال : " الحمد لله وما شاء الله ولا قوة إلا بالله وصلى الله على رسوله ، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني إلى أسلافي ، اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخير لي مصرع أنا ألاقيه ، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات ، بين النواويس وكربلاء فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا ، لا محيص عن يوم خط بالقلم . رضى الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ، ويوفينا أجور الصابرين ، لن تشذ عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لحمته ، بل هي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه ، وينجز بهم وعده ، ألا ومن كان فينا باذلا مهجته ، موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا ، فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى " ( 2 ) .
 4 - لما بلغ عبد الله بن عمر ما عزم عليه الحسين ( عليه السلام ) دخل عليه فلامه في المسير ، ولما رآه مصرا عليه قبل ما بين عينيه وبكى وقال : أستودعك الله من قتيل ( 3 ) .
 5 - لما خرج الحسين ( عليه السلام ) من مكة لقيه الفرزدق الشاعر فقال له : إلى أين يا بن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ما أعجلك عن الموسم ؟ قال : " لو لم أعجل لأخذت ، ثم قال له : أخبرني عن الناس خلفك " فقال : الخبير سألت ، قلوب الناس معك ، وأسيافهم عليك ( 4 ) .
 6 - لما أتى إلى الحسين خبر قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبد الله بن

( 1 ) لاحظ المحاورات التي جرت بين الإمام وهؤلاء في الإرشاد : 201 - 202 ، مقاتل الطالبيين 109 ، اللهوف : 20 ط بغداد .

( 2 ) اللهوف : 41 . ( 3 ) تذكرة الخواص : 217 - 218 . ( 4 ) الإرشاد : 218 . ( * )
 
- ص 161 -

يقطر ، قال لأصحابه : " لقد خذلنا شيعتنا ، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف غير حرج ليس عليه ذمام " فتفرق الناس عنه ، وأخذوا يمينا وشمالا ، حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة ونفر يسير ممن انضموا إليه . ومع ذلك فقد واصل ( عليه السلام ) مسيره نحو الكوفة ، ولما مر ببطن العقبة لقيه شيخ من بني عكرمة يقال له : عمر بن لوذان ، فسأل الإمام : أين تريد ؟ فقال له الحسين ( عليه السلام ) : " الكوفة " فقال الشيخ : أنشدك لما انصرفت ، فوالله ما تقدم إلا على الأسنة وحد السيوف ، فقال له الحسين : " ليس يخفى علي الرأي ، وأن الله تعالى لا يغلب على أمره " ( 1 ) .
في نفس النص دلالة على أن الإمام كان يدرك ما كان يتخوفه غيره ، وأن مصيره لو سار إلى الكوفة هو القتل ، ومع ذلك أكمل السير طلبا للشهادة من أجل نصرة الدين ورد كيد أعدائه ، وحتى لا تبقى لأحد حجة يتذرع بها لتبرير تخاذله وضعفه .
نعم لقد كان الحسين ( عليه السلام ) على بينة من أمره وما سيؤول إليه سفره من مصير محتوم ، فلا شئ يقف أمام إرادته من أجل إعلاء كلمة الدين وتثبيت دعائمه التي أراد الأمويون تقويضها ، انظر إليه وهو يخاطب الحر بن يزيد الرياحي الذي يحذره من مغبة إصراره على موقفه حيث يقول له : " أفبالموت تخوفني ، وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني ، وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمه وهو يريد نصرة رسول الله فخوفه ابن عمه وقال : أين تذهب فإنك مقتول ، فقال :
سأمضي وما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما
وواسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مثبورا وخالف مجرما
فإن عشت لم أندم وإن مت لم ألم * كفى بك ذلا أن تعيش وترغما
" ( 2 )

 ( 1 ) الإرشاد : 223 .
( 2 ) الإرشاد : 225 ، الطبري في تأريخه 5 : 204 . ( * )
 
- ص 162 -

ثم إنه كان لشهادة الحسين ( عليه السلام ) أثر كبير في إيقاظ شعور الأمة وتشجيعها على الثورة ضد الحكومة الأموية التي أصبحت رمزا للفساد والانحراف عن الدين ، ولأجل ذلك توالت الثورات بعد شهادته من قبل المسلمين في العراق والحجاز ، وهذه الانتفاضات وإن لم تحقق هدفها في وقتها ، ولكن كان لها الدور الأساسي في سقوط الحكومة الأموية بعد زمان .
ولقد أجاد من قال : لولا نهضة الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه - رضي الله عنهم - يوم الطف لما قام للإسلام عمود ، ولا اخضر له عود ، ولأماته معاوية وأتباعه ولدفنوه في أول عهده في لحده . فالمسلمون جميعا بل الإسلام من ساعة قيامه إلى قيام الساعة رهين شكر للحسين ( عليه السلام ) وأصحابه - رضي الله عنهم - ( 1 ) .
بلى ، فلا مغالاة في قول من قال : إن الإسلام محمدي الحدوث حسيني البقاء والخلود . ترى أنى للإمام الحسين ( عليه السلام ) الإذعان لحقيقة تسلم يزيد مقاليد خلافة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، يزيد المنحرف الفاسد ، عدو الله وعدو رسوله ، الذي لم يستطع إخفاء دفائنه عندما أحضر رأس سيد الشهداء بين يديه حيث أنشد :
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم * وعدلنا قتل بدر فاعتدل
لست من خندف إن لم أنتقم * من بني أحمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالملك فلا * خبر جاء ولا وحي نزل
( 2 )

( 1 ) جنة المأوى : 208 للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء .
( 2 ) البيتان الأولان لابن الزبعرى ، والثلاثة الأخيرة ليزيد ، لاحظ تذكرة الخواص : 235 . ( * )

 
- ص 163 -

وأما بيان خروجه من مكة متوجها إلى العراق والحوادث التي عرضت له في مسيره إلى أن نزل بأرض كربلاء ، والتي استشهد فيها مع أولاده وأصحابه البالغ عددهم 72 شخصا ، ظمآن وعطشان ، فهو خارج عن موضوع البحث . وقد ألفت فيه مئات الكتب وعشرات الموسوعات .
شهادته ( عليه السلام ) : لقد استشهد يوم الجمعة لعشر خلون من المحرم سنة 61 من الهجرة ، وقيل يوم السبت ، وكان قد أدرك من حياة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) خمس أو ست سنوات ، وعاش مع أبيه 36 سنة ، ومع أخيه 46 سنة .
فسلام الله عليه يوم ولد ، ويوم استشهد ويوم يبعث حيا .


 


مالك بن أنس قال عن الامام جعفر الصادق
:
 جعفر بن محمد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على

إحدى ثلاث خصال : إما مصل ، وإما صائم ، وإما يقرأ القرآن ، وما رأت عين ، ولا سمعت أذن ، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علما وعبادة وورعا (المصدر
( 1 ) أسد حيدر ، الإمام الصادق 1 : 53 نقلا عن التهذيب 2 : 104 والمجالس السنية ج 5 .)
*************
الإمام السادس : أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام )
هو الإمام السادس من أئمة أهل البيت الطاهر - رضي الله عنهم أجمعين - ولقب بالصادق لصدقه في مقاله ، وفضله أشهر من أن يذكر .
ولادته وخصائصه ( عليه السلام ) : ولد عام 80 ه‍ ، وتوفي عام 148 ه‍ ، ودفن في البقيع جنب قبر أبيه محمد الباقر وجده علي زين العابدين وعم جده الحسن بن علي - رضي الله عنهم أجمعين - فلله دره من قبر ما أكرمه وأشرفه ! ( 1 ) .
قال محمد بن طلحة : هو من عظماء أهل البيت وساداتهم ، ذو علوم جمة ، وعبادة موفورة ، وزهادة بينة ، وتلاوة كثيرة ، يتبع معاني القرآن الكريم ، ويستخرج من بحره جواهره ، ويستنتج عجائبه ، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه ، رؤيته تذكر الآخرة ، واستماع كلامه يزهد في

( 1 ) وفيات الأعيان 1 : 327 رقم الترجمة 31 . ( * )

 
- ص 177 -

الدنيا ، والاقتداء بهداه يورث الجنة ، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوة ، وطهارة أفعاله تصدع أنه من ذرية الرسالة .
نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من أعيان الأئمة وأعلامهم ، مثل : يحيى بن سعيد الأنصاري ، وابن جريج ، ومالك بن أنس ، والثوري ، وابن عيينة ، وأبو حنيفة ، وشعبة ، وأبو أيوب السجستاني ( 1 ) وغيرهم ، وعدوا أخذهم عنه منقبة شرفوا بها ، وفضيلة اكتسبوها ( 2 ) .
ذكر أبو القاسم البغاء في مسند أبي حنيفة : قال الحسن بن زياد : سمعت أبا حنيفة وقد سئل : من أفقه من رأيت ؟ قال : جعفر بن محمد ، لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال : يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد ، فهيئ لي من مسائلك الشداد ، فهيأت له أربعين مسألة ، ثم بعث إلي أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته ، فدخلت عليه ، وجعفر جالس عن يمينه ، فلما بصرت به ، دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر ، فسلمت عليه ، فأومأ إلي فجلست ، ثم التفت إليه فقال : يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة . قال : نعم أعرفه ، ثم التفت إلي فقال : يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله من مسائلك ، فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول : أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربما تابعنا وربما تابعهم ، وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على الأربعين مسألة ، فما أخل منها بشئ . ثم قال أبو حنيفة : أليس أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ( 3 ) .
عن مالك بن أنس : جعفر بن محمد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على

( 1 ) في الأصل أيوب السختياني والصحيح ما ذكرناه ( منه ) .
( 2 ) كشف الغمة 2 : 368 .
( 3 ) بحار الأنوار 47 : 217 - 218 ، أسد حيدر ، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة 4 : 335 نقلا عن مناقب أبي حنيفة للمكي 1 : 173 ، جامع مسانيد أبي حنيفة 1 : 252 ، تذكرة الحفاظ للذهبي 1 : 157 . ( * )

 
- ص 178 -

إحدى ثلاث خصال : إما مصل ، وإما صائم ، وإما يقرأ القرآن ، وما رأت عين ، ولا سمعت أذن ، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علما وعبادة وورعا ( 1 ) .
وعن عمرو بن بحر الجاحظ ( مع عدائه لأهل البيت ) : جعفر بن محمد الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه ، ويقال : إن أبا حنيفة من تلامذته ، وكذلك سفيان الثوري ، وحسبك بهما في هذا الباب ( 2 ) .
مناقبه ( عليه السلام ) : وأما مناقبه وصفاته فتكاد تفوق عد الحاصر ، ويحار في أنواعها فهم اليقظ الباصر ، حتى أن من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى ، صارت الأحكام التي لا تدرك عللها ، والعلوم التي تقصر الأفهام عن الإحاطة بحكمها ، تضاف إليه وتروى عنه ( 3 ) .
وقال ابن الصباغ المالكي : كان جعفر الصادق ( عليه السلام ) من بين إخوته خليفة أبيه ، ووصيه ، والقائم بالإمامة من بعده ، برز على جماعة بالفضل ، وكان أنبههم ذكرا وأجلهم قدرا ، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان ، وانتشر صيته وذكره في البلدان ، ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقلوا عنه من الحديث .
إنك إذا تتبعت كتب التاريخ والتراجم والسير تقف على نظير هذه الكلمات وأشباهها ، كلها تعرب عن اتفاق الأمة على إمامته في العلم والقيادة الروحية ، وإن

( 1 ) أسد حيدر ، الإمام الصادق 1 : 53 نقلا عن التهذيب 2 : 104 والمجالس السنية ج 5 .
( 2 ) أسد حيدر ، الإمام الصادق 1 : 55 نقلا عن رسائل الجاحظ : 106 .
( 3 ) كشف الغمة 2 : 368 . ( * )

 
- ص 179 -

اختلفوا في كونه إماما منصوصا من قبل الله عز وجل ، فذهبت الشيعة إلى الثاني نظرا إلى النصوص المتواترة المذكورة في مظانها ( 1 ) .
حياته العلمية ( عليه السلام ) : ولقد امتد عصر الإمام الصادق ( عليه السلام ) من آخر خلافة عبد الملك بن مروان إلى وسط خلافة المنصور الدوانيقي ، أي من سنة 83 ه‍ إلى سنة 148 ه‍ .
فقد أدرك طرفا كبيرا من العصر الأموي ، وعاصر كثيرا من ملوكهم ، وشاهد من حكمهم أعنف أشكاله ، وقضى سنوات عمره الأولى حتى الحادية عشرة من عمره مع جده زين العابدين ، وحتى الثانية والثلاثين مع أبيه الباقر ونشأ في ظلهما يتغذى من تعاليمهما وتنمو مواهبه وتربى تربيته الدينية ، وتخرج من تلك المدرسة الجامعة فاختص بعد وفاة أبيه بالزعامة سنة 114 ه‍ ، واتسعت مدرسته بنشاط الحركة العلمية في المدينة ومكة والكوفة وغيرها من الأقطار الإسلامية .
وقد اتسم العصر المذكور الذي عاشه الإمام بظهور الحركات الفكرية ، ووفود الآراء الاعتقادية الغريبة إلى المجتمع الإسلامي ، وأهمها عنده هي حركة الغلاة الهدامة ، الذين تطلعت رؤوسهم في تلك العاصفة الهوجاء إلى بث روح التفرقة بين المسلمين ، وترعرت بنات أفكارهم في ذلك العصر ليقوموا بمهمة الانتصار لمبادئهم التي قضى عليها الإسلام ، فقد اغتنموا الفرصة في بث تلك الآراء الفاسدة في المجتمع الإسلامي ، فكانوا يبثون الأحاديث الكاذبة ويسندونها إلى حملة العلم من آل محمد ، ليغروا بها العامة ، فكان المغيرة بن سعيد يدعي الاتصال بأبي جعفر الباقر ويروي عنه الأحاديث المكذوبة ، فأعلن الإمام الصادق ( عليه السلام ) كذبه

( 1 ) لاحظ الكافي 1 : 306 - 307 . ( * )

 
- ص 180 -

والبراءة منه ، وأعطي لأصحابه قاعدة في الأحاديث التي تروي عنه ، فقال : " لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة ، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة " .
ثم إن الإمام قام بهداية الأمة إلى النهج الصواب في عصر تضاربت فيه الآراء والأفكار ، واشتعلت فيه نار الحرب بين الأمويين ومعارضيهم من العباسيين ، ففي تلك الظروف الصعبة والقاسية استغل الإمام الفرصة فنشر من أحاديث جده ، وعلوم آبائه ما سارت به الركبان ، وتربى على يديه آلاف من المحدثين والفقهاء . ولقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات - على اختلاف آرائهم ومقالاتهم - فكانوا أربعة آلاف رجل ( 1 ) .
وهذه سمة امتاز بها الإمام الصادق عن غيره من الأئمة - عليه وعليهم السلام - .
إن الإمام ( عليه السلام ) شرع بالرواية عن جده وآبائه عندما اندفع المسلمون إلى تدوين أحاديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعد الغفلة التي استمرت إلى عام 143 هـ ( 2 ) حيث اختلط آنذاك الحديث الصحيح بالضعيف وتسربت إلى السنة ، العديد من الروايات الإسرائيلية والموضوعة من قبل أعداء الإسلام من الصليبيين والمجوس ، بالإضافة إلى المختلقات والمجعولات على يد علماء السلطة ومرتزقة البلاط الأموي .
ومن هنا فقد وجد الإمام ( عليه السلام ) أن أمر السنة النبوية قد بدأ يأخذ اتجاهات خطيرة وانحرافات واضحة ، فعمد ( عليه السلام ) للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة ، وتفنيد الآراء الدخيلة على الإسلام والتي تسرب الكثير منها نتيجة الاحتكاك الفكري والعقائدي بين المسلمين وغيرهم .
إن تلك الفترة كونت تحديا خطيرا لوجود السنة النبوية ، وخلطا فاضحا في

( 1 ) الإرشاد : 270 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 257 .
( 2 ) تاريخ الخلفاء للسيوطي - خلافة المنصور الدوانيقي ، فقد حدد تاريخ التدوين بسنة 143 ه‍ . ( * )

 
- ص 181 -

كثير من المعتقدات ، لذا فإن الإمام ( عليه السلام ) كان بحق سفينة النجاة من هذا المعترك العسر .
إن علوم أهل البيت ( عليهم السلام ) متوارثة عن جدهم المصطفى محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، الذي أخذها عن الله تعالى بواسطة الأمين جبرئيل ( عليه السلام ) ، فلا غرو أن تجد الأمة ضالتها فيهم ( عليهم السلام ) ، وتجد مرفأ الأمان في هذه اللجج العظيمة ، ففي ذلك الوقت حيث أخذ كل يحدث عن مجاهيل ونكرات ورموز ضعيفة ومطعونة ، أو أسانيد مشوشة ، تجد أن الإمام الصادق ( عليه السلام ) يقول : " حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي ، وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب ، وحديث علي حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وحديث رسول الله قول الله عز وجل " .
بيد أن ما يثير العجب أن تجد من يعرض عن دوحة النبوة إلى رجال قد كانوا وبالا على الإسلام وأهله ، وتلك وصمة عار وتقصير لا عذر فيه خصوصا في صحيح البخاري .
فالإمام البخاري مثلا يروي ويحتج بمثل مروان بن الحكم ، وعمران بن حطان وحريز بن عثمان الرحبي وغيرهم ، ويعرض عن الرواية عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ! ! أما الأول : فهو الوزغ بن الوزغ ، اللعين بن اللعين على لسان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأما الثاني : فهو الخارجي المعروف الذي أثني على ابن ملجم بشعره لا بشعوره ، وأما الثالث : فكان ينتقص عليا وينال منه ، ولست أدري لم هذا الأمر ؟ إنه مجرد تساؤل .
إن للإمام الصادق وراء ما نشر عنه من الأحاديث في الأحكام التي تتجاوز عشرات الآلاف ، مناظرات مع الزنادقة والملحدين في عصره ، والمتقشفين من الصوفية ، ضبط المحققون كثيرا منها ، وهي في حد ذاتها ثروة علمية تركها الإمام ( عليه السلام ) ، وأما الرواية عنه في الأحكام فقد روى عنه أبان بن تغلب ثلاثين ألف حديث .
- ص 182 -

حتى أن الحسن بن علي الوشاء قال : أدركت في هذا المسجد ( مسجد الكوفة ) تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد ( 1 ) .
وأما ما أثر عنه من المعارف والعقائد فحدث عنها ولا حرج ، ولا يسعنا نقل حتى القليل منها ، ومن أراد فليرجع إلى مظانها ( 2 ) .
يقول " سيد أمير علي " بعد النقاش حول الفرق المذهبية والفلسفية في عصر الإمام : " ولم تتخذ الآراء الدينية اتجاها فلسفيا إلا عند الفاطميين ، ذلك أن انتشار العلم في ذلك الحين أطلق روح البحث والاستقصاء ، وأصبحت المناقشات الفلسفية عامة في كل مجتمع من المجتمعات ، والجدير بالذكر أن زعامة تلك الحركة الفكرية إنما وجدت في تلك المدرسة التي ازدهرت في المدينة ، والتي أسسها حفيد علي بن أبي طالب المسمى بالإمام جعفر والملقب بالصادق ، وكان رجلا بحاثة ومفكرا كبيرا جيد الإلمام بعلوم ذلك العصر ، ويعتبر أول من أسس المدارس الفلسفية الرئيسية في الإسلام .
ولم يكن يحضر محاضراته أولئك الذين أسسوا فيما بعد المذاهب الفقهية فحسب ( 3 ) بل كان يحضرها الفلاسفة وطلاب الفلسفة من الأنحاء القصية ، وكان الإمام " الحسن البصري " مؤسس المدرسة الفلسفية في مدينة البصرة ، وواصل بن عطاء مؤسس مذهب المعتزلة من تلاميذه ، الذين نهلوا من معين علمه الفياض وقد عرف واصل والإمام العلوي بدعوتهما إلى حرية إرادة الإنسان . . . ( 4 ) .

( 1 ) الرجال للنجاشي : 139 برقم 79 .
( 2 ) الإحتجاج 2 : 69 - 155 ، التوحيد للصدوق ، وقد بسطها على أبواب مختلفة .
( 3 ) كأبي حنيفة ومالك .
( 4 ) مختصر تاريخ العرب ، تعريب : عفيف البعلبكي : 193 . ( * )

 
- ص 183 -

وأما حكمه وقصار كلمه ، فلاحظ تحف العقول ، وأما رسائله فكثيرة منها رسالته إلى النجاشي والي الأهواز ، ومنها : رسالته في شرائع الدين نقلها الصدوق في الخصال ، ومنها : ما أملاه في التوحيد للمفضل بن عمر ، إلى غير ذلك من الرسائل التي رسمها بخطه ( 1 ) .
نتف من أقواله ونقتطف من وصاياه وكلماته الغزيرة وصية واحدة وهي وصيته لسفيان الثوري : " الوقوف عند كل شبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، وترك حديث لم تروه ( 2 ) ، أفضل من روايتك حديثا لم تحصه " . " إن على كل حق حقيقة ، وعلى كل صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه فدعوه " ( 3 ) .
من أقوال العلماء المحدثين فيه ( عليه السلام ) ونختم هذا البحث بما قاله أبو زهرة في هذا المجال : إن للإمام الصادق فضل السبق ، وله على الأكابر فضل خاص ، فقد كان أبو حنيفة يروي عنه ، ويراه أعلم الناس باختلاف الناس ، وأوسع الفقهاء إحاطة ، وكان الإمام مالك يختلف إليه دارسا راويا ، وكان له فضل الأستاذية على

( 1 ) ولقد جمع أسماء هذه الرسائل السيد الأمين في أعيانه 1 : 668 .
( 2 ) أي لم تروه عن طريق صحيح ، والفعل مبني للمجهول .
( 3 ) اليعقوبي ، التاريخ 3 : 115 . ( * )
 
- ص 184 -

أبي حنيفة فحسبه ذلك فضلا . وهو فوق هذا حفيد علي زين العابدين الذي كان سيد أهل المدينة في عصره فضلا وشرفا ودينا وعلما ، وقد تتلمذ له ابن شهاب الزهري ، وكثير من التابعين ، وهو ابن محمد الباقر الذي بقر العلم ووصل إلى لبابه ، فهو ممن جعل الله له الشرف الذاتي والشرف الإضافي بكريم النسب ، والقرابة الهاشمية ، والعترة المحمدية ( 1 ) .
وبما كتبه الأستاذ أسد حيدر إذ قال : كان يؤم مدرسته طلاب العلم ورواة الحديث من الأقطار النائية ، لرفع الرقابة وعدم الحذر فأرسلت الكوفة ، والبصرة ، وواسط ، والحجاز إلى جعفر بن محمد أفلاذ أكبادها ، ومن كل قبيلة من بني أسد ، ومخارق ، وطي ، وسليم ، وغطفان ، وغفار ، والأزد ، وخزاعة ، وخثعم ، ومخزوم ، وبني ضبة ، ومن قريش ، ولا سيما بني الحارث بن عبد المطلب ، وبني الحسن بن الحسن بن علي ( 2 ) .
وفاته : ولما توفي الإمام شيعه عامة الناس في المدينة ، وحمل إلى البقيع ، ودفن في جوار أبيه وجده ( عليهما السلام ) ، وقد أنشد فيه أبو هريرة العجلي قوله :
أقول وقد راحوا به يحملونه * على كاهل من حامليه وعاتق
أتدرون ماذا تحملون إلى الثرى * ثبيرا ثوى من رأس علياء شاهق
غداة حثا ، الحاثون فوق ضريحه * ترابا وأولى كان فوق المفارق 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire