خلفت القمة المغربية-الإسبانية في مدريد التي جرت يوم الجمعة من الأسبوع الجاري منعطفا هاما يتمثل في التجميد الكلي للمغرب لملف سبتة ومليلية المحتلتين عكس سياسة مدريد التي تستحضر ملف جبل طارق.
وترأس القمة عن الجانب الإسباني رئيس الحكومة ماريانو راخوي وعن الجانب المغربي عبد الإله ابن كيران، ولم تخلف اتفاقيات كبرى في المجال الاقتصادي والسياسي بقدر ما جرى الاتفاق على اتفاقيات مكملة للاتفاقيات المتواجدة مسبقا، الأمر الذي يؤكد الطابع الروتيني للقمة.
وحضرت مطالب اسبانيا بقوة من خلال طرح ملفات مثل الهجرة السرية ومكافحة الإرهاب، وغابت في المقابل ملفات مغربية مثل “التعسف الإداري” للإدارة الإسبانية تجاه المهاجرين المغاربة. ويتجلى التعسف في ارتفاع إيقاع طرد المغاربة بسبب الأزمة تحت مبررات إدارية.
ولكن قمة مدريد 5 يونيو 2015 ستبقى في التاريخ بمثابة القمة التي أعلن المغرب رسميا تجميد ملف سبتة ومليلية من خلال تصريحات ابن كيران في جواب للجريدة الرقمية كود، حيث قال أن الملف هو قديم ويجب التركيز حاليا على بناء الثقة والإيجابيات.
ويؤكد ابن كيران بجوابه هذا الشرط الذي فرضته مدريد على الرباط بشكل غير مباشر. وكان الوزير المنتدب في الخارجية خلال أبريل 2013 يوسف العمراني قد صرح في ندوة في مدريد من تنظيم أوروبا برس “بالحوار يمكن حل كل المشاكل بين اسبانيا والمغرب”. ورد عليه وزير الخارجية الإسباني مانويل مارغايو “العلاقات الثنائية ستستمر ممتازة شريطة أن لا تمسوا سبتة ومليلية”.
والمثير هو غياب اي إشارة الى سبتة ومليلية في خطابات الملك ورئيس الحكومة ووزير الخارجية خلال السنوات الأخيرة بشكل لم يشهده تاريخ المغرب منذ الاستقلال. وفي المقابل، تعمل مدريد على استحضار ملف جبل طارق باستمرار في مفاوضاتها مع لندن.
ومن المفارقات هو حضور الملف في خطابات بعض الأحزاب الإسبانية خاصة بلد الباسك وكاتالونيا، حيث تؤكد بعض الأحزاب “ضرورة خروج اسبانيا من كتالونيا وبلد الباسك وكذلك تصفية الاستعمار في سبتة ومليلية”.
ويبرر بعض الدبلوماسيين المغاربة صمت المغرب في ملف سبتة ومليلية رغم التزامه بالتحرك دوليا للمطالبة به بعدما كان ملك اسبانيا خوان كارلوس قد زار المدينتين، بالسعي الى الحصول على دعم اسبانيا في نزاع الصحراء المغربية.
ورغم وجود الملف في لحظات تاريخة محرجة للغاية إبان الثمانينات والتسعينات، كان المغرب يستحضر دائما الملف ولو من بال التذكير، الأمر الذي لا يحد الآن. وتحول سبتة ومليلية الى طابو الدبلوماسية المغربية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire