فيلم الفارس الشجاع ابو الفضل العباس
اللهم ارزقني ثلاثة اولاد مثله
عاجلا
من مهرة بنت زوي
و متعني بهم
مع الصحة و السعادة و الهناء و السعادة و طول العمر و رغد العيش
https://youtu.be/9pKZ9VQLAxI
$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$€€£££££€€€€££££££££££££££££££££££££££££€€€€€€€
كنت لي درعاً ونصلاً كلاهما فقدتُ فلا درعي لديَّ ولا نصلي (1)
اللهم ارزقني ثلاثة اولاد مثله
عاجلا
من مهرة بنت زوي
و متعني بهم
مع الصحة و السعادة و الهناء و السعادة و طول العمر و رغد العيش
https://youtu.be/9pKZ9VQLAxI
$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$€€£££££€€€€££££££££££££££££££££££££££££€€€€€€€
كنت لي درعاً ونصلاً كلاهما فقدتُ فلا درعي لديَّ ولا نصلي (1)
* * *
فگدك نـحّل عـظامي ولي سل ودمعي ما جرى الغيرك ولي سل
جـفاني ولا نشد عني ولي سل گطـع حـبل المودّة وگطع بيّه
* * *
بـذلتَ أيـا عـبّاسُ نـفساً نفيسةً لنصرِ حسينٍ عزّ بالنّصر من مثلِ
أبـيتَ إلـتذاذَ الـماءِ قبلَ التذاذه فحسنُ فعالِ المرءِ فرعٌ عَن الأصلِ
فـأنت أخو السبطينِ في يومِ مفخَرٍ وفي يوم بذلِ الماءِ أنت أبو الفضلِ
ــــــــــــــــــــ
(1) القصيدة من نظم المرحوم الخطيب الأديب الشيخ محسن أبو الحب الحائري.
قال السيد جواد شبر في (أدب الطف) ج7 ص56:
الشيخ محسن خطيب بارع وشاعرٌ واسع الآفاق خصبُ الخيال.
ولد سنة 1235هـ ونشأ بعناية أبيه وتربيته، ينحدّر من أسرةٍ عربيّةٍ تعرف بآل أبي الحَبْ تمتّ بنسبها إلى قبيلةِ خثعم.
تدرّج على نظم الشعر ومحافل الأدب وندوات العلم، ولا سيّما مجالس أبي الشهداء(ع) فإنّها مدارس سيّارة، وهي من أقوى الوسائل لنشر الأدب وقرض الشّعر، وشاعرنا الشيخ محسن نظم فأجاد، وأكثر من النوح والبكاء على سيّد الشهداء(ع)، وصوّر بطولات شهداء الطف تصويراً شعرياً لا زالت الأدباء ومجالس العلماء تترشّفهُ وتستعيده وتتذوّقه.
كتب عنهُ الشيخ محمد السماوي في كتابهِ (الطليعة) فقال:
محسن بن محمد الحويزي الحائري المعروف بأبي الحَبْ كان خطيباً ذاكراً بليغاً متصرّفاً في فنون الكلام إذا ارتقى الأعواد تنقلَ في المناسبات المختلفة.
توفي في كربلاء ليلة الاثنين 20 ذي القعدة سنة 1305هـ ودفن في الروضة الحسينية المقدسة إلى جوار مرقد السيد إبراهيم المجاب.
الصفحة149
عرف سيّدنا أبو الفضل العبّاس(ع) بكنى وألقابٍ كثيرة، منها ما كان له قبل الطّف، ومنها ما عرف به أثناء الطّف، ومنها ما عرف به بعد شهادته ودفنه.
أمّا الكنى التي عرف بها فهي:
1 - (أبو الفضل) وذلك من جهة أنّ له ولداً اسمُهُ الفضل، وكان(ع) حريّاً بها، فإنّ فضله لا يخفى ونوره لإخخاً يطفى (1).
أبا الفضلِ يامَن أسسَ الفضلَ والإبا أبا الفضلُ إلاّ أن تكون له أبا
وقال الشيخ عبدالواحد المظفر في كتابه (بطل العلقمي) إنّ هذه الكنية -أبا الفضل- قد اشتّقت من فضائله، فإنّه(ع) قد توسّموا فيه سمات الفضل منذ الصغر وزمن الطفولة فلقّبوه به، وكنّوه أبا الفضل عند ظهور تلك الامارات والدلائل وقد قيل:
قَلَمُ العُلا قد خَطَّ فوق جبينه أثرُ النّجابةِ ساطعُ البرهانِ (2)
2 - (أبو القاسم) وذلك من جهة أنّ له ولداً اسمُهُ القاسم ذكر ذلك المحقّق المظفّر في (بطل العلقمي) حيث قال: محمّد والقاسم هما ولدا العبّاس(ع) ولا عقب لهما، واستشهدا مع عمّهما الحسين(ع) (3). وقد خاطبه
ــــــــــــــــــــ
(1) العبّاس(ع) للمقرّم: ص70.
(2) بطل العلقمي: ج2 ص9.
(3) بطل العلقمي: ج3 ص433.
الصفحة150
بهذه الكنية جابر بن عبداللَّه الأنصاري في زيارة الأربعين، قال: السلامُ عليك يا أبا القاسم السلامُ عليك يا عبّاسَ بن علي (1).
3 - (أبو قربة) (2) وذلك لحمله الماء في مشهد الطفّ أكثر من مرّة وقد سدّت الشرائع ومنع الورود على ابن المصطفى(ص)، ولكنّ أبا الفضل لم يرعه جمعهم، ولا أوقفه عن الإقدام تلك الرّماح المشرعة ولا السيوف المجرّدة فجاء بالماء وسقى عيال أخيه الإمام الحسين(ع) وأصحابه (3)، وهذه الكنية عرف بها في أثناء الطف.
إذا كان ساقي الحوض في الحشرِ حيدرٌ فساقي عَطاشى كربلاءَ أبوالفضلِ
أمّا الألقاب:
عرّف النحويون اللقب فقالوا: هو ما أشعرَ برفعة المسمّى أوضعته، فاللقب يكسب الإنسان شهرةً في المدح أو الذم، ومثال ما أشعر برفعة المسمى كالصادق الأمين، وزين العابدين، وكاظم الغيض وغيرها.
ومثال ما أشعر بضعةِ المسمى: كالدوانيقي (4)
ــــــــــــــــــــ
(1) العبّاس(ع) للمقرّم: ص80 .
(2) ذكر هذه الكنية أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين: ص55.
(3) العبّاس(ع): ص80.
(4) لقب أبي جعفر المنصور الملك العبّاسي والدّانَقِ بالفتحِ والكسر سدس الدّرهم وجمع المفتوح دوانق، والمكسور دوانيق ولقّب الدوانيقي لشدّةِ بُخله حتى أنّه كان يصرف في كلّ السّنة ألفي درهم!! ولمّا مات كان عنده من المال مائة ألف ألف درهم. (عن الكنى والألقاب)
الصفحة151
والأعمش (1) والجاحظ (2) وغيرها، وهذا في العرب كثير، أمّا أهل البيت: فليس لهم لقبُ ذمٍ أصلاً إنّما
ألقابهم للمدح خاصّة لأنّه لا عيب فيهم في خَلْق ولا خُلْق (3) قال الشاعر مخاطباً جدّهم رسول اللَّه(ص):
وأحسنَ منكَ لم ترَ قطُّ عينٌ وأجـمَلَ منك لم تلدِ النّساءُ
خُلقت مبرّءاً من كلِّ عيبٍ كـأنّك قد خُلقتَ كما تَشاءُ
وأبو الفضل العباس(ع) ورقةٌ من تلك الشجرة الطيّبة، وفرعٌ من ذلك الأصل الطاهر، فكانت ألقابُه الشريفة الكثيرة ما أشعر برفعة المسمّى، ومن هذه الألقاب التي عُرف بها:
1) العبدُ الصّالح: وهذا اللقب الشريف منحه ايّاه الإمام أبو عبداللَّه الصادق(ع) في الزيارة المخصوصة به التي رواها أبو حمزة الثمالي حيث يقول: (السلام عليك أيّها العبدُ الصالح) وهذه الصّفة أرقى مراتب الإنسان الكامل، ولا نعني بهذه المرتبة أن يكون العبد مواظباً على العبادات المسقطة للواجب والرافعة للعتاب فحسب وانّما نقصد منه ما إذا عبدَ اللَّه تعالى حقّ
ــــــــــــــــــــ
(1) الأعمش: لقبٌ لأبي محمّد سليمان بن مهران الأسدي معروف بالفضل والجلالة والتشيّع والإستقامة، والعَمَش في العين ضعف الرؤية مع سيلان دمعها.
(عن الكنى والألقاب)
(2) الجاحظ: لقبٌ لأبي عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الليثي، كان مائلاً إلى العثمانية ويظهر النصب والعداء لأهل البيت(ع)، وكان قبيحاً دميماً، قال الشاعر:
لو يُمسَخُ الخنزيرُ مسخاً ثانياً ما كان إلا دون قبح الجاحظ
والجاحظ: هو عظيم المقلة ناتئُها.
(3) بطل العلقمي: ج2 ص11.
الصفحة152
عبادته النّاشئة عن فقهٍ وبصيرةٍ ومعرفة بالمعبود الذي يجب أن يعبد من دون النظر إلى الثواب والعقاب، ولولا أنّ هذه الصّفة أسمى الصّفات التي يتّصف بها العبد لما خصّ اللَّه تعالى أنبياءه بها، فقال سبحانه:
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)(1) وقوله تعالى: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (2) وقوله تعالى: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ)(3).
وقد كان في وسع الباري تعالى أن يقول وهو يخاطب نبيّه محمد بن عبداللَّه(ص): وان كنتم في ريبٍ مّما نزّلنا على رسولنا ونحوه مّما يدلّ على النبوّة والرّسالة، ولكن حيث كان حبيبَ اللَّه وصفيّه فانياً في سبيل خدمة الحقّ تعالى لا يرى في الوجود غيرَهُ، استحقّ أن يهبَهُ الباري تعالى أرقى صفة تليق بهذا المقام، ومن جانب آخر فأنت لازلت تقول في الفرائض والنّوافل في اليوم والليلة في التشهّد: أشهدُ أنّ محمّداً عبدُهُ ورسوله، ولم تقل خاتمُ الأنبياء أو علّة الكائنات أو سرّ الموجودات أو حبيبُ اللَّه حيث أنّك علمت أنّ أسمى هذه الصّفات وأجل ما يليق بالعبد حال اتّصاله بربّه تعالى هو وصفه بالعبودية، فاعرف اذن أهميّة هذا اللقب الشريف لأبي الفضل العباس(ع) (4).
ــــــــــــــــــــ
(1) سورة الإسراء / آية 1.
(2) سورة ص / آية 30.
(3) سورة ص/ آية 45.
(4) العبّاس(ع) للمقرّم: ص82 بتصرّف.
الصفحة153
2) قمر بني هاشم: لوضائته وجمال هيئته، وكان وجهُهُ الكريم يضيء كالبدر المُنير فلا يحتاج في الليلة الظلماء إلى ضياء (1). قال أبو الفرج الاصفهاني في (مقاتل الطالبيين): وكان العبّاسُ رجلاً وسيماً جميلاً يركب الفرس المطهَّم ورجلاه تخطّان في الأرض ويُقالُ له: قمر بني هاشم (2)والأشخاص الذين لقّبوا بالقمر ثلاثة: عبدُ المطّلب يلقّب (قمر البطحاء)، وعبداللَّه بن عبدالمطلب والد النبي(ص) يلقّب (قمر قريش)، والعباسُ بن علي بن أبي طالب: يلقّب (قمر بني هاشم). وحسبك بمن يكون قمرَ هذه العشيرة الفائقة على عامّة البشر بجمالها الباهر وحسنها الزاهر، وقد أكثر الشُعراء من نعته بالجمال في مراثيه الكثيرة، وأوّل من فتح لهم هذا الباب سيّد الشُهداء أبو عبداللَّه الحسين(ع)، ففي (أسرار الشهادة) للفاضل الدربندي رحمه اللَّه تعالى قال فيه الإمام الحسين(ع) لمّا وقف عليه:
أيـابـن أبي نصحتَ أخاك حتّى سـقـاكَ الـلَّهُ كأساً من رحيق ويـاقـمـراً منيراً كنت عوني على كلّ النّوائب في المضيقِ (3) |
3) السقّاء: وهو لقبٌ نبيل اختصّ به أبو الفضل العبّاس(ع) حتى بلغ من شهرته انّه إذا أطلق هذا اللقب انصرف إليه، وقد شاركه فيه أبوه أميرالمؤمنين(ع) وأسلافُهُ الكرام.
ــــــــــــــــــــ
(1) المصدر السابق: ص81.
(2) مقاتلُ الطالبيين : ص 56 .
(3) بطل العلقمي: ج 2 ص151.
الصفحة154
والسّقايةُ هي إرواء العطاشى من البشر في حالتي السّلم والحرب، وأشرفُها سقاية الحرب، وهي فضيلةٌ من الفضائل الإنسانيّة، وأحد المكارم والمآثر الشريفة واحد مفاخر العرب الممدوحة (1).
ومن أجل مجيء العباس(ع) بالماء إلى عيال أخيه الإمام الحسين(ع) وصحبه في الأيام العشرة من المحرّم سمّي (السقّاء).
4) كبش الكتيبة: هو لقبٌ تطلقه العرب على مقدّم العسكر أميراً كان أو ملكاً، ولا يطلق الكبش في الحرب عند العرب إلاّ على مَن تكاملت فيه سمات البطولة وجمعت فيه صفات الرّجولة، وهذا اللقب اختصّ به أبو الفضل العبّاس(ع) دون سائر شهداء كربلاء، وقد اختصّه بهذا اللقب أخوه الإمام الحسين(ع) وجعله من ألقابه المميّزة، وعرف بهذا اللقب قبل أبي الفضل العبّاس بن علي(ع) رجلان من العرب، أحدهما بطل المشركين بلا منازع وهو طلحة بن أبي طلحة القرشي كان يلقّب كبش الكتيبة قتله أميرُ المؤمنين(ع) يوم أُحد فسُرّ بقتله رسول اللَّه(ص)، وبقتله فُلّت شوكةُ المشركين وكُسر حدّهم، والثاني هو بطل المسلمين غير مدافع مالك بن الحارث الأشتر النّخعي؛ صاحب أمير المؤمنين(ع) عليَّ بن أبيطالب(ع)، وكان يلقّب أيضاً ب (كبش العراق) (2).
5) حامي الظّعينة: هذا لقبٌ مشهورٌ شايع اطلاقُهُ على أبي الفضلِ العبّاس بن أمير المؤمنين(ع) قال السيد جعفر الحِلي في تأبينه:
ــــــــــــــــــــ
(1) بطل العلقمي: ج 2 ص12.
(2) بطل العلقمي: ج 2 ص53.
الصفحة155
حامي الظعينةِ أينَ منهُ ربيعةٌ أم أين من عَليا أبيه مكدَّمُ
وقد خُصّ بهذا اللقب للفرق بينه وبين أخيه سيّد الشهداء الإمام الحسين(ع) المُلقّب بحامي الإسلام وحامي الشّرع المقدّس، ورتبة العبّاس(ع) دون رتبة الحسين(ع) وحماية الظعينة أدنى من حماية الشّريعة الغرّاء رتبةً، ومن جهةٍ ثانية ان الإمام الحسين(ع) هو الأمير والسيّد والقائد ولا يباشر كل المهمّات بنفسه وأنّه لابُدّ للرئيس من معتمَدْ يقوم مقامه وينوب عنه في المهمّات ويكون من أهل الكفاءة وله الأهليّة في القيام بواجبه ليحصل الاعتماد في ما رشّحَ له وحيث لم يكن عند سبط النّبي(ص) أهم من القيام بحياطة العائلة المخدّرة وحمايتها وحفظها في تلك الفيافي الموحشة والمفاوز المقفرة وكان من أوثق القادمين معه في نفسه أخوه العبّاسُ الأكبر وابنه عليّ الأكبر، فكانا يقومان بترحيل العائلة وانزالها ويتوليان حراستَها مع فتيان العلويين، وكانت حماية العبّاس(ع) للظعائن من حين سار الإمام الحسين(ع) من المدينة إلى أن نزل الغاضرية وكذلك العشرة أيام التي أقامه(ع) في كربلاء حتى استُشهد، وكان العباس(ع) أمير الحرس الحسيني الذي يقوم بحماية المخيّم (1).
6) حامل اللواء: لقد شاع هذا اللقبُ بين النّاس، وعرفه المسلمون القدماء بحامل لواء الحسين(ع)، وكان هذا اللقب أشهر ألقاب أبيالفضل العبّاس(ع)، لأنّ ذلك قد صدر من أخيه الإمام الحسين(ع) فعلاً وقولاً أما الفعل فقد دفع إليه لواءه باتّفاقِ حملة الأثر وأهل العلم بالخبر، وأمّا القول
ــــــــــــــــــــ
(1) المصدر السابق نفسه: ص71.
الصفحة156
فقد تكرّر منه(ع) مراراً منها لمّا أراد أبو الفضل(ع) الحملةَ على الأعداء قال له الإمام الحسين(ع): أنت حامل (1) لوائي، ومنها لمّا وقف عليه صريعاً وقد أكثر الشعراء في ذكره بحامل اللواء قال أحدهم عن لسان الإمام الحسين(ع):
لمن اللوا أُعطي ومَن هو جامعٌ شملي وفي ضَنْكِ (2) الزّحامِ يقيني
(ع)) بابُ الحوائج: اشتهر سيّدنا أبو الفضل العبّاس(ع) بين الخاصّة والعامّة بأنّه باب (3) الحوائج لكثرة ما صدر منه من الكرامات وقضاء الحاجات ولنعم ما قال المرحوم السيّد حيدر الحِلي:
بـابُ الـحوائجِ ما دعتهُ مروعةٌ فـي حـاجـةٍ إلا ويقضي حاجَها بـأبـي أبا الفضل الذي من فضله السّامي تعلّمَتْ الورى منهاجَها (4) |
حدّثني المرحوم الحاج السيّد ناصر الحلو - أبو عدنان - أنّ الشاعر المرحوم الشيخ كاظم السوداني حدّث والدي فقال: ذهبتُ إلى كربلاء في احدى زياراتي لها، وقدّمت باب الحوائج أبا الفضل العبّاس(ع) في الزيارة حيث كنّا نعتبره باب الحسين(ع):
ــــــــــــــــــــ
(1) اُنظر: ابصار العين للسماوي: ص29.
(2) الضَّنْك: الضّيق من كلّ شيء.
(3) المعروف بين المؤمنين أنّ أبوابَ الحوائج أربعة - وإن كان أهلُ البيت: كلُّهم أبواب الحوائج وهم: الإمام باب الحوائج موسى بن جعفر(ع)، وسيّدنا أبو الفضل العبّاس(ع)، وسيّدنا مسلم بن عقيل(ع)، ورضيع الإمام الحسين عبداللَّه(ع).
(4) العبّاس(ع) للمقرّم: ص81.
الصفحة157
أبا الفضل أنتّ البابُ للسّبطِ مثلما أبوك عليٌّ كان باباً لأحمدَ
يقول: عندما دخلت الحرم الشريف لفت نظري وجود امرأة جالسة قريب الضريح المطهّر وبين يديها صبيّ نائم عمرُهُ حدود 12 سنة، والمرأة - الأم - تتكلّم مع أبي الفضل(ع)، وكان كلامُها عتاباً شديداً مرّاً، وصوتها مسموع بشكلٍ واضح، فأدهشتني طريقة الحديث مع أبي الفضل(ع) لأنّها حادّة وفيها عتاب شديد، فرأيت رجلاً بجنبي فجئت إليه وقلت له: ألا تسمع هذه المرأة كيف تتكلّم مع سيّدنا أبي الفضل(ع) هذه الطريقة غير مناسبة في حضرة هؤلاء الأطهار؟ فقال لي: هذه المرأة زوجتي وهي ابنة عمّي ولم تمضِ على زواجي منها مدّة حتّى رزقني اللَّه تعالى منها ولداً ذكراً سويّاً ولكنه عندما وصل إلى السنة الثالثة من عمره مرض ومات، فحزنت عليه أمُّه فعزّيتها وهوّنت الأمرَ عليها وقلت لها لا زلنا شباب واللَّه تعالى كريم وكما رزقناه سيرزقنا آخر بخيرٍ وعافية، وفعلاً حملت بالثاني وولدته ذكراً سويّاً ولكنّه ما وصل إلى الثالثة حتّى مرض كأخيه ومات، وهكذا الولد الثالث، فقلت لها ليس لنا إلاّ باب الحوائج أبو الفضل العبّاس(ع) قومي نذهب إليه ونتوسّل به ليرزقنا اللَّه تعالى ولداً يدفع عنه الأمراض والأسقام، وفعلاً جئنا لزيارةِ أبي الفضل(ع) وطلبنا منه طلبتنا بحالة البكاء والحزن، وعدنا إلى المنزل وحملت زوجتي وولدت مولوداً سويّا وكبر الصّبي وتجاوزه عمره ثلاث سنوات وأربع وخمس وهو بصحّةٍ جيدة حتى وصل
الصفحة158
إلى هذا العمر فظهرت عليه نفس أعراض المرض الذي مات بسببه أخوته قبله فقلنا ليس لنا باب إلى اللَّه تعالى إلاّ باب العبّاس(ع) حيث حصلنا على هذا الولد ببركة التوسّل به ونحن نريده منه.
قال: فتعجّبت من ذلك، وتألّمت لحالِ الأم والأب ثمّ ودّعتُهُ وذهبت لزيارة الإمام الحسين(ع) وعدت إلى المنزل وفي تلك الليلة رأيتُ رؤيا عجيبة وهي:
رأيت كأني دخلت إلى حرم الإمام الحسين(ع) وإذا بالنّبيّ الأكرم(ص) وأمير المؤمنين(ع) وسيّدة النساء والإمامين الحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام جلوس والنّور يشرق منهم كأنهم الأقمار الزّاهرة، فوقفت أتأمّل المنظر وإذا برجل بهي المنظر جميل الوجه يشرق منه النّور لم أرَ في حياتي هكذا إنسان ولإ؛ددٌّ أستطيع أن أصفه ولكنّي أقول هو من أهل الجنّة لا من أهل الدّنيا فعندما وصل قريباً منهم قام النبيّ إليه وقام أهلُ البيت: وإذا هو باب الحوائج أبو الفضل العبّاس(ع) فسأله رسول اللَّه(ص) عن سبب مجيئه فقال: أريد أن أعرف مصير هذا الولد فإنّ أمّه تتوسّل إلى اللَّه تعالى بي، وإذا بالنّبيّ(ص) يخبره عن قرب موت الصّبي وهذا هو المقدّر فقال أبو الفضل: سيّدي يارسول اللَّه أخبر ربّك تعالى أنه امّا أن يشفى هذا الصّبيّ واما يرفع عني لقباً عرفت به بين النّاس ونشره تعالى وهو باب الحوائج وإذا بالنبيّ قد قام وذهب ثمّ عاد وهو يقول: أقر اللَّه عينيك ياأبا الفضل أنت باب الحوائج إلى اللَّه تعالى والولد يُعافى ويعود إلى والديه، عندها عاد أبو الفضل(ع) وهو يشرق فرحاً وسروراً، يقول السوداني:
الصفحة159
فاستيقظت وإذا بصوت المؤذن يرفع أذان الفجر. فأسبغت الوضوء وأسرعت لحرم أبي الفضل(ع) وإذا بالمرأة جالسة والولدُ بين يديها دنوت منها سلّمت عليها وقلت لها: أبشري بشفاء الولد ببركة قمر بني هاشم(ع) فرفعت رأسها ودعت لي بالخير ولكنّها غير مصدّقة قال: فتنحّيت وجلست في مكان بحيث أُشاهد المرأة وابنها فما مضت مدّة طويلة وإذا بالولد المريض يحرّك رجله ثمّ يده ثمّ رأسه ويفتح عينيه والأم تنظر إليه بدهشة وإذا به يجلس. وأول شيء فعله قام وتمسّك بضريح أبي الفضل فرفعت المرأة صوتها بالهلاهل وكادت أن تموت لشدّة الفرح، فتجمّع الناس على الولد وأخذوا من ثيابه قطعاً يتبرّكون بها.
أقول: لهذه الفضائل والكمالات، والأوصاف والألقاب، جعله الإمام الحسين(ع) آخر أصحابه وأهل بيته، وهو حامل اللواء. وأشرف مَن في العسكر بعد أخيه الإمام الحسين(ع)، وهو جيشٌ وحده، ولكنّ المقدّر كائن، والشهادة في سبيل اللَّه تعالى تاجٌ على رؤوس أولياء اللَّه وخاصّته، ولهذا ترجّل لها أبو الفضل(ع) وذهب إلى المشرعة وعيون الحسين وأخواته تشيّعه فما غاب كثيراً وإذا بالرّاية الخفّاقة تسقط على الأرض فعلم الإمام أنّ أخاه سقط فجاءه ولكن بأيّةِ حالة:
تـعنّه من الخيم للعلگمي حسين يصيح بصوت يعضيدي وگعت وين
بعدما شوف دربي ياضوه العين يـخويه الـكون كلّه بعيني أظلم
الصفحة160
فلما وصل إليه رآه بتلك الحالة التي تعزّ على كلّ موالي ومحب فعندها قال كلمته المعروفة: الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي، وشمُت بي عدوّي، ولسان الحال على طريقة الحدي:
يگلـه يـعبّاس الأخـو ظهري انكسر من شوفتك
نـايم عـلى حـرِّ الفلا وحيلي انهدم من نومتك
مگطـعة كفوفك والعمد يـعضيدي هـشّم هامتك
وجـسمك معفّر بالترب والـسهم فـاري گربتك
لـولا الـسهام مـجمّعة بـنفسي أقـبّل جـبهتك
هذه اُمنية - على لسان الشاعر - ما تحقّقت حيث أراد الإمام الحسين(ع) توديعه بتقبيل جبهته ولكن منعته السهام المتجمّعة عليه، وللعبّاس أمنية أيضاً اسمعها بلسان الحال:
ون الـعـضيد ونـاشده تـصعب عـليّه حـالتك
وحـدك يـبو سكينة تظل وهـذي الأعادي حاطتك
هـذا أمـر الـلَّه ونـزل وبـأمره تـعاني بغربتك
أدري صرت محني الظهر ريـحة الـخوّة جـابتك
لـوما دمـه عـيني جمد بـنفسي أشـوفن غـرّتك
* * *
الصفحة161
وقضى إلى جنبِ الفرات ورأسُه بـعـمـودِ حـقدٍ هشّمتهُ لئامُها وقضى إلى جنبِ الفرات وعينُه أسـفـي عليها قد طفتها سهامُها وقضى إلى جنبِ الفرات وجسمُهُ بسيوفِ بغيٍ خذّمته طَغامُها(1) |
لاحول ولا قوة إلاّ باللَّه العليّ العظيم
وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتقين
ــــــــــــــــــــ
(1) طَغَام: هم أوغاد الناس
الصفحة162
الليلة السابعة المجلس الخامس عشر
منزلة العباس بن علي(ع)
عـبـست وجوهُ القومِ خوفَ الموت والـعـبّـاسُ فـيـهم ضاحكٌ يتبسَّمُ قلب َاليمينَ على الشِّمالِ وغاص في ال أوسـاط يـخـتطفُ النّفوسَ ويحطمُ وثـنـى أبو الفضلِ الفوارسَ نُكّصاً فـرأوا أشـدَّ ثـبـاتِـهم أن يهزموا بـطـلٌ تـورّثَ مـن أبـيه شجاعةً فـيـهـا أنـوفُ بني الضلالةِ ترغمُ عـرفَ الـمـواعـظَ لا تفيدُ بمعشرٍ صـمّـوا عن النبأ العظيم كما عَموا وانـصـاع يـحطمُ بالجماجم والكلا والـسـيـف ينثرُ والمثقَّفُ ينظمُ(1) بـطـلٌ إذا ركـبَ الـمُـطَهَّمَ خلتَهُ جـبـلاً أشـمَّ يـخـفُّ فيهِ مطهّمُ(2) قـسـمـاً بـصارمِهِ الصقيلِ وإنّني فـي غـيـر صـاعقةِ السّما لا أُقسِمُ لـولا الـقـضا لمحى الوجودَ بسيفِهِ والـلَّـهُ يـقـضـي ما يشاء ويحكُمُ وهـوى بـجـنـبِ الـعلقميِّ فليتَهُ لـلـشّـاربـيـن بـه يُـدافُ العلقَمُ فـمـشـى لمصرعِهِ الحسينُ وطرفُهُ بـيـن الـخـيـامِ وبـيـنَهُ متقسِّمُ فـأكـبَّ مـنـحـنـياً عليه ودمعُهُ صـبـغَ الـبسيط كأَنّما هو عندَمُ(3) قـد رامَ يـلـثـمُـهُ فلم يرَ موضعاً لـم يُـدمِـهِ عَـضُّ الـسّلاحِ فيُلثَمُ نـادى وقـد مـلأَ الـبواديَ صيحةً صُـمُّ الـصـخـورِ لـهـولها تتألّمُ |
ــــــــــــــــــــ
(1) المثقّف: هو الرّمح في عرف الشعراء.
(2) جواد مُطَهَّم: أي تام الحسن.
(3) العندم: خشب نبات يُصبغ به. (المنجد)
الصفحة163
أأخـيَّ يُـهنيكَ النَّعيمُ ولم أخَلْ تَـرضى بأن أُزرى وأنت منعَّمُ
أأخـيَّ مَـن يحمي بناتِ محمّدٍ إن صِرْنَ يسترحِمْنَ مَن لا يرحَمُ
* * *
يـعباس لمّن صدّت العين مـنّي لـعد إِيديك الإثنين
دمـهن يسيل اوشفت كفين فـوگ الثره ناديت صوتين
واحد نواعي أو واحد ونين يعباس صارت طيحتك وين
يعباس آنه عضيدك حسين وسـفة يـفرگ بينه البين
* * *
روى الشيخ الصّدوق - رحمه اللَّه تعالى - في (الخصال): عن أبي حمزة الثمالي قال: قال عليُّ بن الحسين(ع): (إنّ لعمّيَ العبّاسَ عند اللَّه تبارك وتعالى لمنزلةً يغبطُهُ بها جميعُ الشهداء يوم القيامة) (1).
لا ريبَ أنّ المنزلةَ تكون بنيل الفضيلة، ونيلُ الفضيلة عند اللَّه تكون بالطّاعة له، وتعلو المنزلة وتسمو الفضيلة بكثرة الأعمال الخيريّة، فكلّما كان الإنسان حريصاً على تحصيل الفضل مجتهداً في الطّاعة كثير الخيرات يكون عند اللَّه عظيم المنزلة كبير الفضيلة سامي الدرجة (2).
لقد أثبت الإمام زين العابدين(ع) بهذه الرواية الشريفة لأبي الفضل العبّاس(ع)
ــــــــــــــــــــ
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire