الباب السابع عشر في عقاب الزناء و الربا
قال النبي (ص) إن لأهل النار صرخة من نتن فروج الزناة و إياكم و الزناء فإن
فيه ست خصال ثلاث في الدنيا و ثلاث في الآخرة فأما التي في الدنيا فإنه يذهب بهاء
الوجه و يورث الفقر و ينقص العمر و أما التي في الآخرة يوجب سخط الله و سوء الحساب
و عظم العذاب إن الزناة يأتون يوم القيامة تشتعل فروجهم نارا يعرفون بنتن فروجهم و
قال النبي (ص) إن الله مستخلفكم في الدنيا فانظروا كيف تعملون فاتقوا الزناء و
الربا قيل قالت المعتزلة يوما في مجلس الرضا (ع) إن أعظم الكبائر القتل لقوله
تعالى وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها
الآية .
و قال الرضا (ع) أعظم من القتل إثما و أقبح منه بلاء الزناء لأن القاتل لم
يفسد بضرب المقتول غيره و لا بعده فسادا و الزاني قد أفسد النسل إلى يوم القيامة و
أحل المحارم فلم يبق في المجلس فقيه إلا قبل يده و أقر بما قاله .
و قال (ص) إذا كانت فيكم خمس رميتم بخمس إذا أكلتم الربا رميتم بالخسف و
إذا ظهر فيكم الزناء أخذتم بالموت و إذا جارت الحكام ماتت البهائم و إذا ظلم أهل
الملة ذهبت الدولة و إذا تركتم السنة ظهرت البدعة و قال (ص) ما نقض قوم عهدهم إلا
سلط عليهم عدوهم و ما جار قوم إلا كثر القتل بينهم و ما منع قوم الزكاة إلا حبس
القطر عنهم و لا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت و ما يخسر قوم المكيال و
الميزان إلا أخذوا بالسنين و قال (ص) إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة حل بهم البلاء
إذا كان الفيء دولا و الأمانة مغنما و الصدقة مغرما و أطاع الرجل امرأته و عصى أمه
و بر صديقه و جفا أباه و ارتفعت الأصوات في المساجد و أكرم الرجل مخافة شره و كان
زعيم القوم أرذلهم و لبسوا الحرير و اتخذوا المغنيات و شربوا الخمور و أكثروا
[72]
الزناء فارتقبوا عند ذلك ريحا حمراء أو خسفا أو مسخا أو ظهر العدو عليكم
ثم لا تنصرون .
الباب الثامن عشر وصايا و حكم بليغة
من وصية لقمان لابنه قال :
يا بني لا يكن الديك أكيس منك و أكثر محافظة على الصلوات أ لا تراه عند كل
صلاة يؤذن لها و بالأسحار يعلن بصوته و أنت نائم و قال يا بني من لا يملك لسانه يندم
و من يكثر المراء يشتم و من يدخل مداخل السوء يتهم و من يصاحب صاحب السوء لا يسلم و
من يجالس العلماء يغنم يا بني لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة يا بني اجعل
غناك في قلبك و إذا افتقرت فلا تحدث الناس بفقرك فتهون عليهم و لكن اسأل الله من
فضله يا بني كذب من يقول الشر يقطع بالشر أ لا ترى أن النار لا تطفأ بالنار و لكن
بالماء و كذلك الشر لا يطفأ إلا بالخير يا بني لا تشمت بالمصاب و لا تعير المبتلى
و لا تمنع المعروف فإنه ذخيرة لك في الدنيا و الآخرة يا بني ثلاثة تجب مداراتهم
المريض و السلطان و المرأة و كن قنعا تعش غنيا و كن متقيا تكن عزيزا يا بني من حين
سقطت من بطن أمك استدبرت الدنيا و استقبلت الآخرة و أنت في كل يوم إلى ما استقبلت
أقرب منك إلى ما استدبرت فتزود لدار أنت مستقبلها و عليك بالتقوى فإنه أربح التجارات
و إذا أحدثت ذنبا فاتبعه بالاستغفار و الندم و العزم على ترك العود لمثله و اجعل الموت
نصب عينيك و الوقوف بين يدي خالقك و تمثل شهادة جوارحك عليك بعملك و الملائكة
الموكلين بك تستحي منهم و من ربك الذي هو مشاهدك و عليك بالموعظة فاعمل بها فإنها
عند العاقل أحلى من العسل الشهد و هي على السفيه أشق من صعود الدرجة على الشيخ
الكبير و لا تسمع الملاهي فإنها تنسيك الآخرة و لكن احضر الجنائز و زر المقابر و
تذكر الموت و ما بعده من الأهوال فتأخذ حذرك يا بني استعذ بالله من شرار النساء و
كن من خيارهن على حذر يا بني لا تفرح على ظلم أحد بل أحزن على ظلم من ظلمته يا بني
الظلم ظلمات و يوم القيامة حسرات
[73]
و إذا دعتك القدرة على ظلم من هو دونك فاذكر قدرة الله عليك يا بني تعلم
من العلماء ما جهلت و علم الناس ما علمت تذكر بذلك في الملكوت يا بني أغنى الناس
من قنع بما في يديه و أفقرهم من مد عينيه إلى ما في أيدي الناس و عليك يا بني
باليأس عما في أيدي الناس و الوثوق بوعد الله و اسع فيما فرض عليك و دع السعي فيما
ضمن لك و توكل على الله في كل أمورك يكفيك و إذا صليت فصل صلاة مودع تظن أن لا تبقى
بعدها أبدا و إياك ما تعتذر منه فإنه لا يعتذر من خير و أحب للناس ما تحب لنفسك و
اكره لهم ما تكره لنفسك و لا تقل ما لم تعلم و اجهد أن يكون اليوم خيرا لك من أمس
و غدا خيرا لك من اليوم فإنه من استوى يوماه فهو مغبون و من كان يومه شرا من أمسه
فهو ملعون و ارض بما قسم الله لك فإنه سبحانه يقول أعظم عبادي ذنبا من لم يرض
بقضائي و لم يشكر نعمائي و لم يصبر على بلائي .
و أوصى رسول الله (ص) معاذ بن جبل فقال له أوصيك باتقاء الله و صدق الحديث
و أداء الأمانة و خفض الجناح و الوفاء بالعهد و ترك الخيانة و حسن الجوار و صلة
الأرحام و رحمة اليتيم و لين الكلام و بذل السلام و حسن العمل و قصر الأمل و توكيد
الأيمان و التفقه في الدين و تدبر القرآن و ذكر الآخرة و الجزع من الحساب و كثرة
ذكر الموت و لا تسب مسلما و لا تطع آثما و لا تقطع رحما و لا ترض بقبيح تكن كفاعله
و اذكر الله عند كل شجر و مدر و بالأسحار و على كل حال يذكرك فإن الله تعالى ذاكر
من ذكره و شاكر من شكره و جدد لكل ذنب توبة السر بالسر و العلانية بالعلانية و
اعلم أن أصدق الحديث كتاب الله و أوثق العز التقوى و أشرف الذكر ذكر الله تعالى و
أحسن القصص القرآن و شر الأمور محدثاتها و أحسن الهدي هدي الأنبياء و أشرف الموت
الشهادة و أعمى العمى الضلالة بعد الهدى و خير العلم ما نفع و شر العمى عمى القلب
و اليد العليا خير من اليد السفلى و ما قل و كفى خير مما كثر و ألهى و شر المعذرة
عند الموت و شر الندامة يوم القيامة و من أعظم الخطايا اللسان الكذب و خير الغنى
غنى النفس و خير الزاد التقوى و رأس الحكمة مخافة الله تعالى في السر و العلانية و
خير ما ألقي في القلب
[74]
اليقين و إن جماح الإثم الكذب و الارتياب و النساء و حبائل الشيطان و الشباب
شعبة من الجنون و شر الكسب كسب الربا و شر الم آثم أكل مال اليتيم و السعيد
من وعظ بغيره و ليس لجسم نبت على الحرام إلا النار و من تغذى بالحرام فالنار أولى
به و لا يستجاب له دعاء و الصلاة نور و الصدقة حرز و الصوم جنة حصينة و سكينة و
تركها مغنم مغرم و على العاقل أن يكون له ساعة يناجي فيها ربه و ساعة يتفكر فيها
صنع الله و ساعة يحاسب فيها نفسه و ساعة يتخلى فيها لحاجته من حلال و على العاقل
أن يكون ساعيا في ثلاث تزود لمعاد و سعى لمعاش و لذة في غير محرم و على العاقل أن
يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه .
و في توراة موسى (ع) عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح و لمن أيقن بالحساب
كيف يذنب و لمن أيقن بالقدر كيف يحزن و لمن أيقن بالنار كيف يضحك و لمن رأى تقلب
الدنيا بأهلها كيف يطمئن إليها و لمن أيقن بالجزاء كيف لا يعمل و لا عقل كالدين و
لا ورع كالكف و لا حسب كحسن الخلق .
و قال أبو ذر أوصاني رسول الله (ص) بسبع خصال حب المساكين و الدنو منهم و
هجران الأغنياء و أن أصل رحمي و أن لا أتكلم بغير الحق و أن لا أخاف في الله لومة
لائم و أن أنظر إلى من هو دوني و لا أنظر إلى من هو فوقي و أن أكثر من سبحان الله
و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي
العظيم فإنهن الباقيات الصالحات.
و قال من سلك الجدد أمن العثار و الصبر مطية السلامة و الجزع مطية الندامة
و مرارة الحلم أعذب من حلاوة الانتقام و ثمرة الحقد الندامة و من صبر على من يكره
أدرك ما يحب و الصبر على المصيبة مصيبة للشامت بها و الجزع عليها مصيبة ثانية
بفوات الثواب و هي أعظم المصائب .
و قال رسول الله (ص) خير الرزق ما يكفي و خير الذكر ما يخفى و إني أوصيكم
بتقوى الله و حسن النظر لأنفسكم و قلة الغفلة عن معادكم و ابتياع ما يبقى بما يفنى
و اعلموا أنها أيام معدودة و الأرزاق مقسومة و الآجال معلومة و الآخرة
[75]
أبد لا أمد له و أجل لا منتهى له و نعيم لا زوال له فاعرفوا ما تريدون و
ما يراد بكم و اتركوا من الدنيا ما يشغلكم عن الآخرة و احذروا حسرة المفرطين و
ندامة المغترين و استدركوا فيما بقي ما فات و تأهبوا للرحيل من دار البوار إلى دار
القرار و احذروا الموت أن يفاجئكم على غرة و يعجلكم عن التأهب و الاستعداد و إن
الله تعالى قال فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَ لا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ
فرب ذي عقل أشغله هواه عما خلق له حتى صار كمن لا عقل له و لا تعذروا أنفسكم في
خطئها و لا تجادلوا بالبطل فيما يوافق هواكم و اجعلوا همكم نصر الحق من جهتكم أو
من جهة من يجادلكم فإن الله تعالى يقول يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا
أَنْصارَ اللّهِ فلا تكونوا أنصارا لهواكم و الشيطان و اعلموا أنه ما هدم الدين
مثل إمام ضلالة و أضل و جدال منافق بالباطل و الدنيا قطعت رقاب طالبيها و الراغبين
إليها و اعلموا أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران فمهدوه بالعمل
الصالح فمثل أحدكم يعمل الخير كمثل الرجل ينفذ كلامه يمهد له قال الله تعالى فَلِأَنْفُسِهِمْ
يَمْهَدُونَ و إذا رأيتم الله يعطي العبد ما يحب و هو مقيم على معصيته فاعلموا أن
ذلك استدراج له قال الله تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ سئل
ابن عباس عن صفة الذين صدقوا الله المخافة فقال هم قوم قلوبهم من الخوف قرحة و أعينهم
باكية و دموعهم على خدودهم جارية يقولون كيف نفرح و الموت من ورائنا و القبر
موردنا و القيامة موعدنا و على الله عرضنا و شهودنا جوارحنا و الصراط على جهنم
طريقنا و على الله حسابنا فسبحان الله و تعالى فإنا نعوذ به من ألسن واصفة و أعمال
مخالفة مع قلوب عارفة فإن العمل ثمرة العلم و الخوف ثمرة العمل و الرجاء ثمرة
اليقين و من اشتاق إلى الجنة اجتهد في أسباب الوصول إليها و من حذر النار تباعد
مما يدني إليها و من أحب لقاء الله استعد للقائه .
و روي أن الله تعالى يقول في بعض كتبه يا ابن آدم أنا حي لا أموت أطعني فيما
أمرتك أجعلك حيا لا تموت يا ابن آدم أنا أقول للشيء كن فيكون أطعني فيما أمرتك
أجعلك تقول للشيء كن فيكون و كذلك قال الله تعالى في
[76]
كتابه العزيز وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها
ما تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُور رَحِيم .
و قال رسول الله ثلاث مهلكات و ثلاث منجيات فأما المهلكات فشح مطاع و هوى
متبع و إعجاب المرء بنفسه و أما المنجيات فخشية الله في السر و العلانية و القصد
في الغنى و الفقر و العدل في الرضا و الغضب .
و قال الحسن (ع) لقد أصبحت أقوام كانوا ينظرون إلى الجنة و نعيمها و النار
و جحيمها يحسبهم الجاهل مرضى و ما بهم مرض أو قد خولطوا و إنما خالطهم أمر عظيم
خوف الله و مهابته في قلوبهم كانوا يقولون ليس لنا في الدنيا من حاجة و ليس لها
خلقنا و لا بالسعي لها أمرنا أنفقوا أموالهم و بذلوا دماءهم و اشتروا بذلك رضا
خالقهم علموا إن اشترى منهم أموالهم و أنفسهم بالجنة فباعوه و ربحت تجارتهم و عظمت
سعادتهم و أفلحوا و أنجحوا فاقتفوا آثارهم رحمكم الله و اقتدوا بهم فإن الله تعالى
وصف لنبيه (ص) صفة آبائه إبراهيم و إسماعيل و ذريتهما و قال فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ
و اعلموا عباد الله أنكم مأخوذون بالاقتداء بهم و الاتباع لهم فجدوا و اجتهدوا و
احذروا أن تكونوا أعوانا للظالم فإن رسول الله (ص) قال من مضى مع ظالم يعينه على ظلمه
فقد خرج من ربقة الإسلام و من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد حاد الله و
رسوله و من أعان ظالما ليبطل حقا لمسلم فقد برئ من ذمة الإسلام و ذمة الله و ذمة
رسوله و من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله و من ظلم بحضرته مؤمن أو اغتيب
و كان قادرا على نصره و لم ينصره فقد باء بغضب من الله و من رسوله و من نصره فقد
استوجب الجنة من الله تعالى و إن الله تعالى أوحى إلى داود (ع) قل لفلان الجبار
إني لم أبعثك لتجمع الدنيا على الدنيا و لكن لترد عني دعوة المظلوم و تنصره فإني
آليت على نفسي أن أنصره و أنتصر له ممن ظلم بحضرته و لم ينصره .
و قال النبي (ص) من آذى مؤمنا و لو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين
عينيه آيس من رحمة الله و كان كمن هدم الكعبة و البيت المقدس و قتل عشرة
[77]
آلاف من الملائكة .
و قال رفاعة بن أعين قال لي الصادق (ع) أ لا أخبرك بأشد الناس عذابا يوم القيامة
قلت بلى يا مولاي قال أشد الناس عذابا يوم القيامة من أعان على مؤمن بشطر كلمة ثم
قال أ لا أخبرك بأشد من ذلك فقلت بلى يا سيدي فقال من عاب عليه شيئا من قوله أو
فعله ثم قال ادن مني أزدك أحرفا أخر ما آمن بالله و لا برسوله و لا بولايتنا أهل
البيت من أتاه المؤمن في حاجة لم يضحك في وجهه فإن كانت عنده قضاها و إن لم تكن
عنده تكلفها له حتى يقضيها له و إن لم يكن كذلك فلا ولاية بيننا و بينه و لو علم
الناس ما للمؤمن عند الله لخضعت له الرقاب فإن الله تعالى اشتق للمؤمن اسما من أسمائه
فالله هو المؤمن سبحانه و سمى عبده مؤمنا تشريفا له و تكريما و إنه يوم القيامة
يؤمن على الله تعالى فيجير إيمانه و قال الله تعالى ليأذن بحرب مني من آذى مؤمنا
أو أخافه و كان عيسى (ع) يقول يا معشر الحواريين تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي
و تقربوا إلى الله بالبعد عنهم و التمسوا رضاه في غضبهم و إذا جالستم فجالسوا من
يزيد في عملكم منطقه و يذكركم الله رؤيته و يرغبكم في الآخرة عمله .
و قال أمير المؤمنين (ع) لأبي ذر ألزم قلبك الفكر و لسانك الذكر و جسدك
العبادة و عينيك البكاء من خشية الله و لا تهتم برزق غد و ألزم المساجد عمارها هم
أهل الله و خاصته قراء كتابه العاملون به .
و قال (ع) المروة ست ثلاث في السفر و ثلاث في الحضر فالتي في الحضر تلاوة
القرآن و عمارة المساجد و اتخاذ الإخوان في الله و أما التي في السفر بذل الزاد و
حسن الخلق و المعاشرة بالمعروف .
و كان الحسن (ع) يقول يا ابن آدم من مثلك و قد خلى ربك بينه و بينك متى
شئت أن تدخل إليه توضأت و قمت بين يديه و لم يجعل بينك و بينه حجابا و لا بوابا
تشكو إليه همومك و فاقتك و تطلب منه حوائجك و تستعينه على أمورك و كان (ع) يقول
أهل المسجد زوار الله و حق على المزور و التحفة لزائره و روي أن المتنخم في المسجد
يجد بها خزيا في وجهه يوم القيامة و كان الناس في
[78]
المساجد ثلاثة أصناف صنف في الصلاة و صنف في تلاوة القرآن و صنف في تعلم
العلوم فأصبحوا صنف في البيع و الشراء و صنف في غيبة الناس و صنف في الخصومات و
أقوال الباطل .
و قال (ع) ليعلم الذي يتنخم في القبلة أنه يبعث و هي في وجهه و قال يقول
الله تعالى المصلي يناجيني و المنفق يقرضني في الغنى و الصائم يتقرب إلي و قال إن
الرجلين يكونا في صلاة واحدة و بينهما مثل ما بين السماء و الأرض من فضل الثواب .
الباب التاسع عشر في قراءة القرآن المجيد
قال رسول الله (ص) إن هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد و إن جلاها قراءة
القرآن .
و قال ابن عباس قارئ القرآن التابع له لا يضل في الدنيا و لا يشقى في
الآخرة و قال ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون و بنهاره إذ الناس
غافلون و ببكائه إذ الناس ضاحكون و بورعه إذ الناس يطعمون و بخشوعه إذ الناس
يمرحون و بحزنه إذ الناس يفرحون و بصمته إذ الناس يخوضون .
و قال (ص) القرآن على خمسة أوجه حلال و حرام و محكم و متشابه و أمثال فاعملوا
بالحلال و اجتنبوا الحرام و اتبعوا المحكم و آمنوا بالمتشابه و اعتبروا بالأمثال و
ما آمن بالقرآن من استحل محارمه و شر الناس من يقرأ القرآن و لا يرعوي عن شيء به .
و قال جعفر بن محمد (ع) في قوله تعالى الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ
يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ قال يرتلون آياته و يتفقهون فيه و يعملون بأحكامه و
يرجون وعده و يخافون وعيده و يعتبرون بقصصه و يأتمرون بأوامره و يتناهون عن نواهيه
ما هو و الله حفظ آياته و درس حروفه و تلاوة سوره و درس أعشاره و أخماسه حفظوا
حروفه و أضاعوا حدوده و إنما تدبر آياته و العمل بأحكامه قال الله
[79]
تعالى كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ و
اعلموا رحمكم الله إن سبيل الله سبيل واحد و جماعها الهدى و مصير العالم العامل
بها الجنة و المخالف لها النار و إنما الإيمان ليس بالتمني و لكن ما ثبت في القلب
و عملت به الجوارح و صدقته الأعمال الصالحة و اليوم فقد ظهر الجفاء و قل الوفاء و
تركت السنة و ظهرت البدعة و تواخى الناس على الفجور و ذهب منكم الحياء و زالت
المعرفة و بقيت الجهالة ما ترى إلا مترفا صاحب دنيا لها يرضى و لها يغضب و عليها
يقاتل ذهب الصالحون و بقيت تفالة الشعير و حثالة التمر .
و قال الحسن (ع) ما بقي في الدنيا بقية غير هذا القرآن فاتخذوه إماما
يدلكم على هداكم و إن أحق الناس بالقرآن من عمل به و إن لم يحفظه و أبعدهم منه من
لم يعمل به و إن كان يقرؤه
و قال من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ و قال إن هذا القرآن يجيء
يوم القيامة قائدا و سائقا يقود قوما إلى الجنة أحلوا حلاله و حرموا حرامه و آمنوا
بمتشابهه و يسوق قوما إلى النار ضيعوا حدوده و أحكامه و استحلوا محارمه .
و قال (ص) رتلوا القرآن و لا تنثروه و لا تهذوه هذاء الشعر قفوا عند عجائبه
و حركوا به القلوب و لا يكن هم أحدكم آخر السورة .
و خطب (ص) و قال لا خير في العيش إلا لعالم ناطق أو مستمع واع أيها الناس
إنكم في زمان هدنة و إن السير بكم سريع و قد رأيتم الليل و النهار كيف يبليان كل
جديد و يقربان كل بعيد و يأتيان بكل موعود فقال له المقداد يا نبي الله و ما الهدنة
فقال دار بلاء و انقطاع فإذا التبست عليكم الأمور كقطع الليل المظلم فعليكم
بالقرآن فإنه شافع مشفع و شاهد مصدق من جعله أمامه قاده إلى الجنة و من جعله خلفه
ساقه إلى النار و هو أوضح دليل إلى خير سبيل ظاهره حكم و باطنه علم لا تحصى عجائبه
و لا تنقضي غرائبه و هو حبل الله المتين و صراطه المستقيم من قال به صدق و من حكم به
عدل و من عمل به فاز فإن المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب و ريحها طيب
و إن الكافر كالحنظلة طعمها مر و رائحتها كريهة
[80]
و قال (ص) أ لا أدلكم على أكسل الناس و أبخل الناس و أسرق الناس و أجفى
الناس و أعجز الناس قالوا بلى يا رسول الله فقال أكسل الناس عمد صحيح فارغ لا يذكر
الله بشفة و لا لسان و أبخل الناس رجل اجتاز على مسلم فلم يسلم عليه و أما أسرق
الناس فرجل يسرق من صلاته تلف كما تلف الثوب الخلق فتضرب بها وجهه و أجفى الناس رجل
ذكرت بين يديه فلم يصل علي و أعجز الناس من عجز عن الدعاء .
الباب العشرون في خطبة بليغة
أيها الناس تدبروا القرآن المجيد فقد دلكم على الأمر الرشيد و سلموا لله
أمره فإنه فعال لما يريد و احذروا يوم الوعيد و اعملوا بطاعته فهذا شأن العبيد و
احذروا غضبه فكم قصم من جبار عنيد ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ أين من بنى و شاد و
طول و ت آمر على الناس و ساد في الأول و ظن جهالة منه و جرأة أنه لا يتحول
عاد الزمان عليه سالبا ما خول فسقوا إذ فسقوا كأسا على هلاكهم عول أَ فَعَيِينا
بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْس مِنْ خَلْق جَدِيد فيا من أنذره
بالعبر يومه و أمسه و حادثه بالغير قمره و شمسه و استلب منه ولده و إخوته و عرسه و
هو يسعى في الخطايا مشمرا و قد دنا حبسه وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ
نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ
أ ما علمت أنك مسئول من الزمان مشهود عليك يوم ينطق عنك الأركان محفوظ عليك ما
عملت في زمان الإمكان إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ
الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْل إِلّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ فكأنك
بالموت و قد اختطفك اختطاف البرق و لم تقدر على دفعه بملك الغرب و الشرق و ندمت
على تفريطك بعد اتساع الخرق و تأسفت على ترك الأولى و الأخرى أحق وَ جاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ثم ترحلت من القصور إلى
القبور و بقيت وحيدا على ممر الدهور كالأسير المحصور وَ نُفِخَ فِي
الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ فحينئذ أعاد الأجسام من صنعها و لف
أشتاتها بقدرته و جمعها و ناداها بنفخة الصور فأسمعها وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْس
مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ
[81]
فيهرب منك الأخ و تنسى أخاك و يعرض عنك الصديق و يرفض ولاءك و يتجافاك
صاحبك و يجحد آلاءك و تلقى من الأهوال كلما أزعجتك و ساءك و تنسى أولادك و نساءك
لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَة مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ
الْيَوْمَ حَدِيدٌ و يجري دموع الأسف وابلا و رذاذا و تسقط الأكباد من الحسرات
أفلاذا و لهب لهيب النار إلى الكفار فجعلهم جذاذا و لا يجد العاصي من النار ملجأ و
لا معاذا وَ قالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ يوم يقوم الزبانية إلى الكفار
و يبادر من يسوقهم سوقا عنيفا و الدموع تتحادر و تثب النار إلى الكفار كوثوب الليث
إذا شاخر فيذل من زفيرها كل من عز و فاخر الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ
فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ و يقول الحق و قد زالت المبطل و اللمم و
فصل هذا الأمر إلي و انتصار المظلوم من ظالمه قال الله لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ
قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ما أنذرتكم فيما مضى من الأيام أ ما
حذرتكم بالعدائد بالمعاصي و الآثام أ ما وعدتكم بهذا اليوم من سائر الأيام ما يُبَدَّلُ
الْقَوْلُ لَدَيَّ وَ ما أَنَا بِظَلّام لِلْعَبِيدِ فالعياذ بالله من هذا الأمر
المهول الذي يحار فيه الغافل الجهول و تذهل منه ذوي الألباب و العقول قد أعد
للكافر ابن ملجم و للكافرين يزيد يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ
تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيد فيا حسرة على العاصين حسرة لا يملك تلافيها و يا نصرة للمخلصين
تكامل صافيها ادخلوا الجنة لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ انظروا
عباد الله فرق ما بين الفريقين بحضور قلب و اغتنموا الصحة قبل أن ينخلع القلب فإن
اللذات تفنى و يبقى العار و الثلب إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ
قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ .
و قال النبي (ص) ما أصاب أحدا هم أو غم فقال اللهم أني عبدك و ابن عبدك و
ابن أمتك و نفسي بيدك ماض في حكمك عدل في قضائك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك
أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تصلي
على محمد و آل محمد و أن تجعل القرآن
[82]
ربيع قلبي و نور بصري و شفاء صدري و ذهاب غمي و جلاء حزني يا أرحم
الراحمين إلا أذهب الله غمه و نفس كربه و قضى حوائجه و كان (ص) يدعو فيقول اللهم
اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا و بين معصيتك و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك و من
اليقين ما يهون علينا من مصائب الدنيا و متعنا بأسماعنا و أبصارنا على من عادانا و
لا تجعل الدنيا أكبر همنا و لا تسلط علينا من لا يرحمنا اللهم إليك الحمد و إليك المشتكى
و أنت المستعان و فيما عندك الرغبة و لديك غاية الطلبة اللهم آمن روعتي و استر
عورتي اللهم أصلح ديننا الذي هو عصمة أمرنا و أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا و
أصلح آخرتنا التي إليها منقلبنا و اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير و الوفاة راحة
لنا من كل سوء اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك و عزائم مغفرتك و الغنيمة من كل بر و
السلامة من كل إثم يا موضع كل شكوى و شاهد كل نجوى و كاشف كل بلوى فإنك ترى و لا
ترى و أنت بالمنظر الأعلى أسألك الجنة و ما يقرب إليها من قول و فعل و أعوذ بك من
النار و ما يقرب إليها من قول أو فعل اللهم إني أسألك خير الخير رضوانك و الجنة و
أعوذ بك من شر الشر سخطك و النار اللهم إني أسألك خير ما تعلم و أعوذ بك من شر ما
تعلم فإنك أنت علام الغيوب .
روي عن ذي النون المصري أنه قال وجدت في صخرة في بيت المقدس مكتوب عليها
كل خائف هارب و كل راج طالب و كل عاص مستوحش و كل طائع مستأنس و كل قانع عزيز و كل
طالب ذليل و نظرت فإذا هذا الكلام أصل لكل شيء و كان يقول يقدر المقدرون و القضاء
يضحك منهم .
الباب الحادي و العشرون في الذكر و المحافظة عليه
قال الله تعالى فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ و قال سبحانه في بعض كتبه أهل
ذكري في ضيافتي و أهل طاعتي في نعمتي و أهل شكري في زيارتي و أهل معصيتي لا أؤيسهم
من رحمتي إن تابوا فأنا أحبهم و إن مرضوا فأنا طبيبهم أداويهم بالمحن و المصائب
لأطهرهم من الذنوب و المعايب
[83]
و قال علي بن الحسين (ع) إن بين الليل و النهار روضة يرتع في نورها الأبرار
و يتنعم في حدائقها المتقون فذابوا سهرا في الليل و صياما في النهار فعليكم بتلاوة
القرآن في صدره و بالتضرع و الاستغفار في آخره و إذا ورد النهار فأحسنوا مصاحبته
بفعل الخيرات و ترك المنكرات و ترك ما يرديكم من محقرات الذنوب فإنها مشرفة بكم
على قبائح العيوب و كان الموت قد دهمكم و الساعة قد غشيتكم فإن الحادي قد حدا بكم
يحدي لا يلوي دون غايتكم فاحذروا ندامة التفريط حيث لا ينفع الندامة إذا زلت
الأقدام .
و قال (ع) قال الله سبحانه إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني.
و قال (ع) المؤمن نطقه ذكر
و صمته فكر و نظره اعتبار و قال إن عدوي يأتيني بالحاجة فأبادر إلى قضائها خوفا أن
يسبقني أحد إليها و أن يستغني عني فيفوتني فضيلتها و سئل عن الزاهد فقال هو المتبلغ
بدون قوته المستعد ليوم موته و قال الدنيا سبات و الآخرة يقظة و نحن بينهما أضغاث
أحلام و قال أقرب ما يكون من غضب الله إذا غضب و من طاعة الشيطان إذا حرد و خطب
عمر بن عبد العزيز فقال أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا و لم تتركوا سدى و إن لكم
معادا يجمعكم الله فيه ليوم الفصل و الحكم بينكم و قد خاب و خسر من أخرجه الله من
رحمته التي وسعت كل شيء و جنته التي عرضها السماوات و الأرض بسوء عمله و إن الأمان
غدا لمن باع قليلا بكثير و فانيا بباق و شقاوة بسعادة أ لا ترون أخلاف الماضين و
يستخلفكم قوم آخرون يأخذون تراثكم و بيوتكم و أجداثكم و في كل يوم تجهزون غاديا و
رائحا قد قضى نحبه و لقي ربه فيجعلونه في صدع من الأرض غير موسد و لا ممهد قد خلع
الأسباب و سكن التراب و فارق الأحباب و واجه الحساب أصبح فقيرا إلى ما قدم غنيا عما
خلف لا يزيد في حسنته و لا ينقص من سيئته و اعلموا أن لكل سفر زاد لا بد منه
فتزودوا لسفركم التقوى و كونوا كمن عاين ما أعد الله له من ثوابه و عقابه لترهبوا
و ترغبوا و لا يغرنكم الأمل و لا يطولن عليكم الأمد فإنه و الله ما بسط
[84]
أمل من لا يدري إذا أصبح أنه يمسي و لا إذا أمسى أنه يصبح و بين ذلك خطفات
المنايا و خطرات الأمل من الشيطان الغرور و يزين لكم المعصية لتركبوها و ينسئكم
التوبة لتنسوها حتى تأتي المنية أغفل ما يكون عنها فلا تركنوا إلى غروره فيصيدكم
بشركه و اعلموا أنما يغتبط و يطمئن من وثق بالنجاة من عذاب الله و أهوال يوم
القيامة فأما من لا يدري ربه ساخط عليه أم راض عنه كيف يطمئن أعوذ بالله من أن
آمركم أو أنهاكم بما أخالفكم فيه فتخسر صفقتي و تعظم لوعتي يوم لا ينجي منه إلا
الحق و الصدق و لا يفوز إلا من أتى الله بقلب سليم و قال رسول الله (ص) أيها الناس
استقيموا إلى ربكم كما قال الله تعالى فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَ اسْتَغْفِرُوهُ
و قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا أيها
الناس وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّة أَنْكاثاً
تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ و اعلموا أنه من لم يكن مستقيما في
صفته لم يرتق من مقام إلى غيره و لم يتبين سلوكه على صحة و لم تخرجوا من عز التقوى
إلى ذل المعصية و لا من أنس الطاعة إلى وحشة الخطيئة و لا تسروا لإخوانكم غشا فإن
من أسر لأخيه غشا أظهره الله على صفحات وجهه و فلتات لسانه فأورثه به الذل في
الدنيا و الخزي و العذاب و الندامة في الآخرة فأصبح من الخاسرين أعمالا .
و قال الصادق (ع) ثلاثة لا يضر معهم شيء الدعاء عند الكربات و الاستغفار عند
الذنب و الشكر عند النعمة .
و قال (ع) في حكمة آل داود يا ابن آدم كيف تتكلم بالهدى و أنت لا تفيق عن
الردى يا ابن آدم أصبح قلبك قاسيا و لعظة الله ناسيا و لو كنت بالله عالما و
بعظمته عارفا لم تزل منه خائفا و لموعده راجيا فيا ويحك كيف لا تذكر لحدك و انفرادك
فيه وحدك و قال رسول الله صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال فإذا عمل العبد السيئة
قال صاحب اليمين لصاحب الشمال لا تعجل و أنظره سبع ساعات فإذا مضى سبع ساعات و لم
يستغفر قال اكتب فما أقل حياء هذا العبد .
و قال (ع) إن النبي (ص) صلى على سعد بن معاذ و قال لقد وافى من
[85]
الملائكة للصلاة عليه تسعون ألف ملك و فيهم جبرئيل يصلون عليه فقلت يا
جبرئيل بما استحق صلاتكم عليه قال يقرأ قل هو الله أحد قائما و قاعدا و راكبا و
ماشيا و ذاهبا و جائيا و قال رسول الله (ص) لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة
فرأيت فيها قصرا من ياقوت أحمر يرى باطنه من ظاهره لضيائه و نوره و فيه قبتان من
در و زبرجد فقلت يا جبرئيل لمن هذا القصر قال لمن أطاب الكلام و أدام الصيام و أطعم
الطعام و تهجد بالليل و الناس نيام قال أمير المؤمنين (ع) و في أمتك من يطيق ذلك
يا رسول الله قال أ تدري ما أطابه الكلام قلت الله و رسوله أعلم قال من قال سبحان
الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر ثم قال أ تدري ما إدامة الصيام
قلت الله و رسوله أعلم قال من صام شهر الصبر شهر رمضان و لم يفطر فيه يوما أ تدري
ما إطعام الطعام قلت الله و رسوله أعلم قال من طلب لعياله ما يكف به وجوههم عن
الناس ثم قال أ تدري ما التهجد بالليل و الناس نيام قلت الله و رسوله أعلم قال من
لا ينم حتى يصلي العشاء الآخرة و الناس من اليهود و النصارى و غيرهما من المشركين
نيام بينهما و قال رسول الله (ص) لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعانا
بقعا من مسك و رأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة و ربما أمسكوا
فقلت لهم ما لكم ربما بنيتم و ربما أمسكتم فقالوا حتى تجيئنا النفقة قال و ما
نفقتكم قالوا قول المؤمن سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر
فإذا قالهن بنينا و إذا سكت و أمسك أمسكنا .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire