إكرام الذرّية من طرق الخاصّة
اعلم أنّ الأخبار والروايات الشريفة في فضل السادة الأشراف لكثيرة ، فقد عقد شيخنا الأجلّ العلّامة المجلسي 1[1] بابآ في بيان فضائل ومدح الذرّية الطيّبة
وثواب صلتهم ويذكر في الباب 34 حديثآ ورواية .
منها: عن أبي عبد السلام عن الإمام الصادق 7، قال :
إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين في صعيد واحد، فتغشاهم ظلمة ، فيضجّون إلى ربّهم ويقولون يا ربّ اكشف عنّا هذه الظلمة ، قال : فيقبل قوم يمشي النور بين أيديهم قد أضاء أرض القيامة ، فيقول أهل الجمع : هؤلاء أنبياء الله؟ فيجيئهم النداء من عند الله: ما هؤلاء بأنبياء. فيقول أهل الجمع : فهؤلاء ملائكة ؟ فيجيئهم النداء من عند الله: ما هؤلاء بملائكة . فيقول أهل الجمع : هؤلاء شهداء؟ فيجيئهم النداء من عند الله: ما هؤلاء بشهداء. فيقولون : من هم ؟ فيجيئهم النداء : يا أهل الجمع ، سلوهم من أنتم ؟ فيقول أهل الجمع : من أنتم ؟ فيقولون : نحن العلويون ، نحن ذرّية محمّد رسول الله 9، نحن أولاد عليّ وليّ الله، نحن المخصوصون
بكرامة الله، نحن الآمنون المطمئنّون ، فيجيئهم النداء من عند الله عزّ وجلّ : اشفعوا في محبّيكم وأهل مودّتكم وشيعتكم فيشفعون فيُشفّعون[2] .
الصدوق بسنده عن الإمام الرضا 7، قال :
النظر إلى ذرّيتنا عبادة ، فقيل له : يا بن رسول الله، النظر إلى الأئمة منكم عبادة ؟ أم النظر إلى جميع ذرّية النبيّ 9؟ فقال : بل النظر إلى جميع ذرّية النبيّ 9 عبادة[3] .
وروى في عيون الأخبار مثله ، وزاد في آخره : ما لم يفارقوا منهاجه ، ولم يتلوّثوا بالمعاصي[4] .
وحينئذٍ النظر إلى الذرية التي لم تبلغ ولم تصل إلى سنّ التكليف أي ما دون التاسعة في البنات ودون الخامسة عشر في الذكور، فإنّ النظر إليهم لا محالة يكون من العبادة ، لو كان مع نيّة التقرّب إلى الله سبحانه ، وذلک لأنّ من شرائط العبادات النيّة الخالصة كما هو ثابت في الفقه الإسلامي .
«وفي جامع الأخبار: قال رسول الله 9: أكرموا أولادي وحسّنوا آدابي .
وقال 9: أكرموا أولادي ، الصالحون لله، والطالحون لي .
والشيخ المقداد شارح الباب الحادي عشر، وفي كتاب نهج المسترشدين للعلّامة الحلّي ، وصاحب كنز العرفان في بحث الإمامة المسمّى باللوامع الإلهيّة في المباحث الكلاميّة ، قالوا: يجب تعظيم الذرّية النبويّة العلويّة ومودّتهم ، لقوله تعالى :
(قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرآ إلّا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى )[5] ، ولقوله 9: أكرموا أولادي
صالحهم لله وطالحهم لأجلي ، وقوله 9: أربعة أنا شفيع لهم يوم القيامة : المكرم لذرّيتي ، والساعي لهم في حوائجهم ، والباذل لهم ماله ، والمحبّ لهم بقلبه ولسانه »[6] .
فما يدلّ على لزوم تعظيم كلّ الذرية الصالح والطالح ما مرّ من قوله (صالحهم لله وطالحهم لي )، ويدلّ على ذلک آية الاصطفاء وقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ )[7] ، وما قاله الرسول الأعظم 9: (اللهمّ إنّهم عترة رسولک ، فهب
مسيئهم لمحسنهم ).
وجمعآ بين الأخبار يقال :
إنّ الطالح إذا لم يصل إلى مرحلة التبرّي من الأئمة الاثنى عشر : فإنّه يكرّم ويعظّم لأجل رسول الله، وأمّا إذا لم يكن من المذهب الحقّ فإنّه يتبرّأ منه .
عن الإمام الصادق ، قال 7: من خالف دين الله ووالى أعداء الله وعادى أولياء الله فالبراءة منهم واجبة كائنآ من كان من أيّ قبيلة كان .
وقال 7: ولايتي لأمير المؤمنين 7 أحبّ إليّ من ولادتي منه .
وقيل : الصالحون هم الأئمة المعصومون : كما يدلّ عليه آية المظاهرة (وَإنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِـحُ المُؤْمِنِينَ )[8] أنّه أمير
المؤمنين عليّ 7، والطالحون أولاد الأئمة فيكرمون لرسول الله.
وقال 9: أربعة أنا لهم شفيع : المكرم لذرّيتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي في اُمورهم عندما اضطرّوا إليه ، والمحبّ بقلبه ولسانه .
وقال 9: من أراد التوسّل إليّ وأن تكون له عندي يدآ أشفع له بها، فليصل أهل بيتي وليدخل السرور عليهم .
وقال عليه الصلاة والسلام : إنّ لله عزّ وجلّ ثلاث حرمات ، فمن حفظهن حفظ الله دينه ودنياه ، ومن لم يحفظهنّ لم يحفظ الله دنياه ولا آخرته : حرمة الإسلام وحرمتي وحرمة رحمي .
قال رسول الله 9 :
إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا: رجل نصر ذرّيتي ، ورجل بذل ماله لذرّيتي عند المضيق ، ورجل أحبّ ذرّيتي باللسان والقلب ، ورجل سعى في حوائج ذرّيتي إذا طردوا وشرّدوا[9] .
عن الإمام الصادق 7، قال :
إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أيّها الخلائق ، أنصتوا فإنّ محمّدآ يكلّمكم ، فينصت الخلائق ، فيقوم النبيّ 9، فيقول : يا معشر الخلائق ، من كانت له عندي يد أو منّة أو معروف فليقم حتّى اُكافيه ، فيقولون : بآبائنا واُمّهاتنا، وأيّ يدٍ وأيّ منّة وأيّ معروف لنا؟ بل اليد والمنّة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق ، فيقول لهم : بلى من آوى أحدآ من أهل بيتي أو أبرّهم أو كساهم من عري أو أشبع جائعهم فليقم حتّى اُكافيه . فيقوم اُناس قد فعلوا ذلک ، فيأتي النداء من عند الله: يا محمّد يا حبيبي ، قد جعلت مكافأتهم إليک ، فأسكنهم من الجنّة حيث شئت ، فيسكنهم في
الوسيلة ، بحبث لا يحجبون عن محمّد 9 وأهل بيته :[10] .
وفي معاني الأخبار بسنده عن محمّد بن سنان ، عن حمزة ومحمّد ابني حمران ، قالا: اجتمعنا عند أبي عبد الله 7 في جملة من أجلّة مواليه ، وفينا حمران ابن أعين ، فخصّنا في المناظرة وحمران ساكت ، فقال له أبو عبد الله 7: ما لَکَ لا تتكلّم يا حمران ؟ فقال : يا سيّدي آليت على نفسي أن لا أتكلّم في مجلس تكون فيه . فقال أبو عبد الله 7: إنّي قد أذنت لک في الكلام فتكلّم ، فقال حمران أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريک له لم يتّخذ صاحبةً ولا ولدآ، خارج من الحدّين حدّ التعطيل وحدّ التشبيه ، وإنّ الحقّ القول بين القولين لا جبر ولا تفويض ، وإنّ محمّدآ عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، وأشهد أنّ الجنّة حقّ وأنّ البعث بعد الموت حقّ وأشهد أنّ عليآ حجّة الله على خلقه لا يسع الناس جهله ، وأنّ حسنآ بعده وأنّ الحسين من بعده ، ثمّ عليّ بن الحسين ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ أنت يا سيّدي من بعدهم . فقال 7: أصبت يا حمران . ثمّ قال : يا حمران ، مدّ المطمر بينک وبين العالم ، قلت : يا سيّدي ، وما المطمر؟ فقال : أنتم تسمّونه خيط البناء، فمن خالفک على هذا الأمر فهو زنديق ، فقال حمران : وإن كان علويآ فاطميآ؟ فقال أبو عبد الله 7: وإن كان محمّديآ علويآ فاطميآ[11] .
ولا يخفى أنّه وإن كانت السعادة تدرک المنسوب إلى رسول الله من فاطمة الزهراء 3 فإنّه لا يموت كافرآ، ولكن ما دام لم يتولّ ولاية أجداده الأئمة
المعصومين : ولم يكن من مذهب أهل البيت : فإنّه يتبرّأ منه حتّى يعرف الحقّ وأهله ، ولكنّه من بركات سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء 3 أنّه في آخر حياته تدركه السعادة ، فيموت مؤمنآ، أي شيعيآ إماميآ، إلّا أنّه فاسق مستحقّ ضعفين من العذاب ، ويلاقي في القبر والبرزخ والمحشر ما يطهّره ، والله العالم بحقائق الاُمور.
في معاني الأخبار للشيخ الصدوق عليه الرحمة ، بسنده عن أبي سعيد المكاري ، قال : كنّا عند أبي عبد الله 7 فذكر زيد ومن خرج معه ، فهمّ بعض أصحاب المجلس أن يتناوله ، فانتهره أبو عبد الله 7 قال : مهلا ليس بكم أن تدخلوا فيما بيننا إلّا بسبيل خير، إنّه لم تمت نفس منّا إلّا وتدركه السعادة قبل أن يخرج نفسه ولو بفواق ناقة ، قال : قلت : وما فواق ناقة ؟ قال : حِلابها) أي بمقدار ما تحلب الناقة ، يعني ولو دقائق قبل خروج روحه . والسعادة هنا الموت على شهادة التوحيد والنبوّة والإمامة ، أي الموت على الولاية التامّة .
روي عن الحسن بن راشد، قال : ذكرت زيد بن عليّ فتنقّصته عند أبي عبد الله 7، فقال : لا تفعل رحم الله عمّي ، أتى إليّ فقال لي : اُريد الخروج على هذا الطاغية ، فقلت : لا تفعل ، فإنّي أخاف أن تكون المصلوب في ظهر الكوفة ، أما علمت يا زيد أنّه لا يخرج أحد من ولد فاطمة على أحد من السلاطين قبل خروج السفياني إلّا قُتل ، ثمّ قال : ألا يا حسن ، إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله ذرّيتها على النار، وفيهم نزلت (ثُمَّ أوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ آصْطَـفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ )[12] ، فإنّ الظالم لنفسه الذي
لا يعرف الإمام ، والمقتصد العارف بحقّ الإمام ، والسابق بالخيرات هو الإمام . ثمّ قال : يا حسن إنّا أهل بيت لا يخرج أحدنا من الدنيا حتّى يقرّ لكلّ ذي فضل فضله )[13] .
وربما المقصود من أنّه يقتل ولد فاطمة لو خرج ، فيما كان يدعو إلى إمامة أحد الأئمة الاثني عشر بالفعل ، فإنّه يقتل ، وأمّا من كان ممهّدآ لظهور صاحب الأمر 7 ومن الموطّئين لقيام الإمام المهدي 7 فإنّه يستثنى من هذا الحكم ، فتأمّل .
ثمّ تحرم النار على ذرّية فاطمة الزهراء كرامة لها، إلّا أنّ من بطنها مباشرةً يكون بنحو العدل والاستحقاق كالإمامين الحسن والحسين 8 ولد البطن خاصّة ، وأمّا غير المباشر إلى يوم القيامة تحرم عليهم النار تفضّلا، فكلّ الذرّية حينئذٍ تحرم عليهم النار، ويكون عذابهم بالزمهرير، وإنّما نذهب إلى هذا المعنى جمعآ بين الأخبار، فتدبّر.
ثمّ في تفسير العياشي في قوله تعالى : (وَإنْ مِنْ أهْلِ الكِتَابِ إلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ )[14] ، عن الإمام الصادق 7: إنّما نزلت فينا خاصّة .
وقال الإمام الرضا 7: (كن محبّآ لآل محمّد وإن كنت فاسقآ، ومحبّآ لمحبّيهم وإن كانوا فاسقين ).
ويفوّض امر السادة الفسّاق إلى أجدادهم :، كما فوّض أمر إخوة يوسف إليه ، فقال : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ )[15] ، فما من السادة ذرّية
الرسول إلّا مغفور له تفضّلا، فيكون من أهل الجنّة في عاقبة الأمر، وتحرم عليه النار الأبديّة . فإنّ فاطمة 3 قد أحصنت فرجها فحرّم الله ذرّيتها على النار.
قال النبيّ 9: إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله ذرّيتها على النار[16] .
وفي حديث طويل ، سأل يهودي أمير المؤمنين 7: أخبرني عن هذه الاُمّة كم لها من إمام هدى ؟ وأخبرني عن نبيّكم محمّد أين منزله في الجنّة ؟ وأخبرني من معه في الجنّة ؟ فقال له أمير المؤمنين 7: إنّ لهذه الاُمّة اثني عشر إمام هدى من ذرّية نبيّها وهي منّي ، وأمّا منزل نبيّنا 9 في الجنّة فهي أفضلها وأشرفها جنّة عدن ، وأمّا من معه في منزله منها فهؤلاء الاثنا عشر من ذرّيته واُمّهم وجدّتهم اُمّ اُمّهم وذراريهم لا يشركهم فيها أحد[17] .
قال رسول الله 9: كلّ بني اُنثى ينتمون إلى عصبة أبيهم ، إلّا ولد فاطمة فأنا وليّهم وأنا عصبتهم وأنا أبوهم .
وهذا يعني أنّ ذلک من خصائص النبيّ الأكرم محمّد 9.
وقال 9: إنّ الله تبارک وتعالى جعل ذرّية كلّ نبيّ في صلبه ، وجعل ذرّيتي في صلب عليّ بن أبي طالب 7.
عن أبي جعفر 7 أنّه قال : إنّنا ولد فاطمة ، مغفور لنا[18] .
عن حسين بن موسى بن جعفر، عن أبائه :، عن فاطمة ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهما، قال : قال رسول الله 9: أيّما رجل صنع إلى رجل من
ولدي صنيعة فلم يكافئه عليها، فأنا المكافئ له عليها[19] .
عن الرضا 7، عن آبائه :، قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب 7 : من اصطنع صنيعة إلى واحد من ولد عبد المطّلب ولم يجازه عليها في الدنيا، فأنا اُجازيه غدآ إذا لقيني يوم القيامة .
عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه ، عن آبائه :، قال : قال رسول الله 9: عيادة بني هاشم فريضة ، وزيارتهم سنّة[20] .
عن الرضا، عن آبائه :، قال : قال النبيّ 9: بغض عليّ كفر، وبغض بني هاشم نفاق[21] .
في كتاب المسلسلات : حدّثنا الحسين بن أحمد، وهو آخذ بشعره ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن محمّد البلخي وهو آخذ بشعره ـإلى أن يقول :ـ قال زيد بن عليّ 7 وهو آخذ بشعره ، قال : حدّثني عليّ بن الحسين 7 وهو آخذ بشعره ، عن أبيه الحسين بن عليّ 8 وهو آخذ بشعره ، عن أبيه علي بن أبي طالب 7 وهو آخذ بشعره ، قال : سمعت رسول الله 9 وهو آخذ بشعره ، قال : من آذى شعرة منّي فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فعليه لعنة الله ملء السماء والأرض .
قال : قلنا لزيد بن عليّ: من يعني ؟ قال : يعنينا ولد فاطمة 3، لا تدخلوا بيننا فتكفروا.
وقد ورد هذا الحديث الشريف من طرق مختلفة من العامّة والخاصّة[22] .
وممّـا يدلّ على كرامة ولد فاطمة الزهراء 3 بالخصوص ما ورد من التحريم أو الكراهة في الجمع بين فاطميّتين في النكاح ، فقيل بعدم جواز نكاح العلوية الفاطمية الثانية على الاُولى ، فكيف بغير الفاطميّة ، وقيل : بالكراهة الشديدة .
قال الآية العظمى السيّد كاظم اليزدي[23] :
الأقوى جواز الجمع بين فاطميّتين على كراهة ، وذهب جماعة من الأخباريّة إلى الحرمة والبطلان بالنسبة إلى الثانية أو طلاق الاُولى وتجديد العقد على الثانية بعد خروج الاُولى عن العدّة وإن كان الأظهر على القول بالحرمة عدم البطلان لأنّها تكليفيّة ، فلا تدلّ على الفساد، ثمّ الظاهر عدم الفرق في الحرمة أو الكراهة بين كون الجامع بينهما فاطميّآ أو لا، كما أنّ الظاهر اختصاص الكراهة أو الحرمة بمن كانت فاطميّة من طرف الأبوين أو الأب فلا تجري في المنتسب إليها صلوات الله عليها من طرف الاُمّ خصوصآ إذا كان انتسابها إليها بإحدى الجدّات ، وكيف كان فالأقوى عدم الحرمة ، وإن كان النصّ الوارد في المنع صحيحآ على ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن حمّـاد قال : (سمعت أبا عبد الله 7 يقول : لا يحلّ لأحد أن يجمع بين ثنتين من ولد فاطمة 3، إنّ ذلک يبلغها فيشقّ عليها، قلت : يبلغها؟ قال 7: إي والله)، وذلک لإعراض المشهور عنه مع أنّ تعليله ظاهر في الكراهة ، إذ لا نسلّم أنّ مطلق كون ذلک شاقّآ عليها إيذاءً لها حتّى يدخل
في قوله 9: من آذاها فقد آذاني[24] .
ولو تمسّكنا بإطلاق هذه الرواية الشريفة فإنّه يلزم أن يترک كلّ ما يؤذي فاطمة الزهراء 3 في أولادها رجالا ونساءً وأطفالا، فمن عنده علويّة أو أولاده من علويّة ، فعليه أن يبالغ في تكريمها وتكريمهم فلا يؤذيهم بالضرب أو الفحش والإهانة والكلام البذيء وما شابه ذلک ، فإنّه سرعان ما يحرم بذلک من شفاعة الرسول وأهل البيت :، ومن هذا المنطلق يقال : يصعب معاشرة أبناء رسول الله، فإنّه يخاف من حرمان الشفاعة يوم القيامة ، فمن الصعب مراعاة حقوق الزوجة العلويّة لغير العلويّ، كما من الصعب مراعاة حقوق الصديق العلوي الفاطمي ، فتدبّر، فإنّ لذلک آثارآ وضعيّة في الدنيا والآخرة ، ربما يوجب الهلاک والشقاء.
ثمّ روى الصدوق في من لا يحضره الفقيه في كتاب النكاح في تزويج الأكفّاء أنّه : نظر النبيّ 9 إلى أولاد عليّ وجعفر 8 فقال : (بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا)[25] .
ومن هذا المنطلق نجد بعض السادة الأشراف لا يزوّجون بناتهم إلّا إلى الأشراف السادة .
وهناک من يذهب إلى هذا الأمر حتّى في الرضاعة لما ورد عن النبيّ 9 قال : من شرب من لبننا أو أرضع لنا ولدآ فنحن آباؤه[26] .
ومن طريف ما يحكى في هذا الباب ما جاء في كتاب المدهش لأبي فرج
ابن الجوزي ، قال بعض الصالحين : دخلت إلى مصر، فوجدت بها حدّادآ يخرج الحديد من النار بيده ويقلّبه على السندان ولا يجد لذلک ألمآ، فقلت في نفسي : هذا عبد صالح لا تعدو عليه النار، فدنوت منه وسلّمت عليه ، فردّ عليّ السلام ، فقلت : يا سيّدي ، بالذي منّ عليک بهذه الكرامة إلّا ما دعوت لي .
قال : فبكى وقال : والله يا أخي ما أنا كما ظننت .
فقلت : يا أخي ، إنّ هذا الذي فعلته لا يقدر عليه إلّا الصالحون .
فقال : اسمع ، إنّ لهذا حديثآ عجيبآ.
فقلت : إن رأيت أن تطرفني به فافعل .
فقال : نعم ، كنت يومآ من الأيام جالسآ في هذا الدكّان وكنت كثير التخليط إذ وقفت على امرأة جميلة الصورة لم أرَ قطّ أحسن منها وجهآ، فقالت : يا أخي ، هل عندک شيء لله عزّ وجلّ ؟ فلمّـا نظرت إليها فتنت بها وقلت لها: هل لکِ أن تمضي معي إلى البيت وأرفع إليکِ ما يكفيکِ زمانآ طويلا؟ فقالت : لست والله من يفعل هذا، فقلت : فاذهبي عنّي ، قال : فذهبت وغابت عنّي طويلا ثمّ رجعت وقالت : قد أحوجتني الضرورة إلى ما أردت ، قال : فقفلت الدكّان ومضيت بها إلى البيت . قال : فقالت : يا هذا إنّ لي أطفالا قد تركتهم على فاقة ، فإن رأيت أن تعطيني شيئآ أذهب به إليهم وأرجع إليک فافعل ، فأخذت عليها العهود والمواثيق ثمّ دفعت إليها دراهم ، فمضت وغابت ساعة ، ثمّ رجعت فدخلت إلى البيت وأغلقت الباب وسكّرته ، فقالت : لِمَ فعلت هذا؟ فقلت : خوفآ من الناس . فقالت : ولِمَ لا تخاف من ربّ الناس ؟ فقلت : إنّه غفورٌ رحيم ، ثمّ تقدّمت إليها فوجدتها تضطرب كما تضطرب السعفة في يوم ريحٍ عاصف ودموعها تنحدر على خدّيها، فقلت : ممّـا اضطرابکِ ؟ قالت : يا هذا خوفآ من الله عزّ وجلّ ، ثمّ قالت : يا هذا
إن تركتني لله تعالى ضمنت لک أنّ الله لا يعذّبک بناره لا في الدنيا ولا في الآخرة ، قال : فقمت ودفعت إليها جميع ما كان عندي وقلت : يا هذه ، اذهبي لسبيلک قد تركتک خوفآ من الله عزّ وجلّ ، قال : فلمّـا فارقتني غلبتني عيناي فرأيت امرأة لم أرَ أحسن منها وجهآ وعلى رأسها تاج من الياقوت فقالت : يا هذا، جزاک الله عنّا خيرآ، فقلت لها: ومن أنتِ ؟ قالت : اُمّ الصبيّة التي أتتک وتركتها خوفآ من الله عزّ وجلّ لا أحرقک الله بالنار لا في الدنيا ولا في الآخرة ، فقلت : ومن هي يرحمک الله؟ فقالت : هي من نسل رسول الله 9، قال : فحمدت الله عزّ وجلّ إذ وفّقني وعصمني ، ثمّ ذكرت قوله تعالى : (إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرآ)[27] ، ثمّ أفقت من ذلک الوقت لم تعد عليّ النار في دار الدنيا،
وأرجو أن لا تعدو عليّ في الآخرة[28] .
وممّـا يدلّ على كرامة أبناء فاطمة الزهراء 3 إلى يوم القيامة دعائها لذرّيتها بالسلام عليهم ـوالسلام اسم من أسماء الله وهو من الدعاء بالسلامة في الدين والدنيا والآخرة ـ فقد ورد في الحديث الشريف في وصيّتها 3 عندما ارتحلت إلى جوار ربّها وكشف أمير المؤمنين عليّ 7 عن وجهها فإذا برقعة عند رأسها الشريف فنظر فيها فإذا فيها :
«بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله 9 أوصت وهي تشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدآ عبده ورسوله وأنّ الجنّة حقّ ـإلى أن قالت :ـ وادفنّي بالليل ولا تعلم أحدآ وأستودعک الله وأقرأ على ولدي السلام
إلى يوم القيامة »[29] .
وعليکِ يا عصمة الله الكبرى يا اُمّاه سلام الله التامّ ما بقينا وبقي الليل والنهار، ورزقنا الله شفاعتکِ وجوارکِ مع أبيک وبعلکِ وأولادک المعصومين :.
ثمّ ممّـا يدلّ على تكريم ذرّية الرسول 9 قوله تعالى : (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إلّا الإحْسَان )[30] .
وأيّ إحسان أعظم من إحسان رسول الله 9 فقد صدع بالرسالة السمحاء وتحمّل المشاقّ والصعاب حتّى أدّى بحياته من أجل هداية الناس وإسعادهم في الدارين وعزّتهم وكرامتهم وشرفهم ، وأنار القلوب بنور الإيمان وبنور القرآن الكريم والإسلام العظيم ، وما اُوذي نبيّ بمثل ما اُوذي ، فإن لاقى ألوان الأذى والآلام من المشركين والكفّار كرمي الجمار وإلقاء الأوساخ عليه ومحاولة اغتياله وكسر ربّاعيّته وإدماء جبهته واتّهامه بالجنون وغير ذلک .
وبعد الهداية ومعرفة الحقيقة أراد الناس أن يجازوا نبيّهم على إحسانه ، فأتوه ليقدّمون له ما يطلبه أجرآ على رسالته ، فنزلت آية المودّة وقال سبحانه وتعالى عن لسان نبيّه الأعظم 9: (قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرآ إلّا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى )[31] ،
وأدّبنا الله خير تأديب وعلّمنا أنّ جزاء إحسان النبيّ يتجلّى بمثل المودّة والمحبّة بكلّ مظاهرها وأشكالها لأهل بيته وذرّيته .
ولكن ممّـا يقطع أنياط القلب حزنآ وألمآ أنّه مع هذه النصوص الشريفة من
الآيات الكريمة والأحاديث الكثيرة التي بلغت التواتر الإجمالي على تكريم الذرّية النبويّة الطاهرة ، إلّا أنّ الناس بعد رسول الله 9 انقلبوا على أعقابهم وارتدّوا إلى القهقرى وبدّلوا معالم الدين وأحدثوا ما أحدثوا، وآذوا رسول الله في نفسه أخيه أمير المؤمنين علي 7 وفي بنته فاطمة الزهراء 3، وولديه وسبطيه الحسن والحسين 8 وأبنائهما جيلا بعد جيل ، فما منهم إلّا مقتول أو مسموم أو مشرّد أو طريد أو محبوس أو منفي أو مطارد من قبل السلطات الحاكمة منذ اليوم الأوّل وحتّى يومنا هذا يكفيک أن تقرأ كتاب (مقاتل الطالبيّين ) لأبي فرج الإصفهاني ، فما أكثر الظلم والجور الذي أوردوه على أبناء وذرّية رسول الله؟! حتّى بعض السادة الأجلّاء كتموا عن أنسابهم تقيّة وخوفآ، بل منهم من كتم عن مذهب أجداده أهل البيت : وتلبّس بمذاهب الحكومات الجائرة ، حتّى ضاع نسب الأحفاد والأسباط .
وإليک بعض الشواهد التأريخيّة التي ألصقت العار على جبين الإنسانية ، فكيف بتأريخ المسلمين ؟!
ينقل الطبري في تأريخه بسنده عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن إبراهيم ، أنّه اُتي ببعض بني الحسن 7 إلى أبي جعفر المنصور الدوانيقي من خلفاء بني العباس ، فنظر إلى محمّد بن إبراهيم بن الحسن ، فقال : أنت الديباج الأصفر؟ قال : نعم ، قال : أما والله لأقتلنّک قتلةً ما قُتلها أحد من أهل بيتک ، ثمّ أمر باسطوانة مبنيّة ففرّقت ، ثمّ اُدخل فيها، فبني عليه وهو حيّ[32] .
أورد الشيخ الصدوق عليه الرحمة في عيون أخبار الرضا 7 بسنده عن
عبيد الله البزّاز النيسابوري وكان مسنّآ، قال :
كان بيني وبين حميد بن قحطبة الطائي الطوسي معاملة ، فرحلت إليه في بعض الأيام فبلغه خبر قدومي ، فاستحضرني للوقت وعليّ ثياب السفر لم اُغيّرها وذلک في شهر رمضان وقت صلاة الظهر، فلمّـا دخلت عليه ، رأيته في بيت يجري فيه الماء فسلّمت عليه وجلست ، فاُتي بطشت وإبريق فغسل يديه ثمّ أمرني فغسلت يدي وأحضرت المائدة وذهب عنّي أنّي صائم ، وأنّي في شهر رمضان ، ثمّ ذكرت فأمسكت يدي ، فقال لي حميد: ما لکَ لا تأكل ؟
فقلت : أيّها الأمير هذا شهر رمضان ولست بمريض ولا بي علّة توجب الإفطار، ولعلّ الأمير له عذر في ذلک أو علّة توجب الإفطار.
فقال : ما بي علّة توجب الإفطار، وإنّي لصحيح البدن . ثمّ دمعت عيناه وبكى .
فقلت له بعدما فرغ من طعامه : ما يبكيک أيّها الأمير؟
فقال : أنفذ إليّ هارون الرشيد وقت كونه بطوس في بعض الليل أن أجب ، فلمّـا دخلت عليه رأيته بين يديه شمعة تتّقد وسيفآ أخضر مسلولا وبين يديه خادم واقف ، فلمّـا قمت بين يديه رفع رأسه إليّ فقال : كيف طاعتک لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال ، فأطرق ، ثمّ أذن لي في الانصراف ، فلم ألبث في منزلي حتّى عاد الرسول إليّ وقال : أجب أمير المؤمنين ، فقلت في نفسي : إنّا لله، أخاف أن يكون قد عزم على قتلي وأنّه لمّـا رآني استحيا منّي ، قعدت بين يديه فرفع رأسه إليّ فقال : كيف طاعتک لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال والأهل والولد، فتبسّم ضاحكآ ثمّ أذن لي في الانصراف ، فلمّـا دخلت منزلي لم ألبث أن عاد إليّ الرسول ، فقال : أجب أمير المؤمنين ، فحضرت بين يديه وهو على حاله ، فرفع رأسه إليّ
وقال لي : كيف طاعتک لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال والأهل والولد والدين ، فضحک ، ثمّ قال لي : خذ هذا السيف وامتثل ما يأمرک به الخادم ، قال : فتناول الخادم السيف وناولنيه ، وجاء بي إلى بيت بابه مغلق ففتحه فإذا فيه بئر في وسطه ، وثلاثة بيوت أبوابها مغلقة ، ففتح باب بيت منها، فإذا فيه عشرون نفسآ عليهم الشعور والذوائب شيوخ وكهول وشبّان مقيّدون ، فقال لي : إنّ أمير المؤمنين يأمرک بقتل هؤلاء وكانوا كلّهم علويّة من ولد عليّ وفاطمة 8، فجعل يخرج إليّ واحدآ بعد واحد فأضرب عنقه ، حتّى أتيت على آخرهم ، ثمّ رمى بأجسادهم ورؤوسهم في تلک البئر، ثمّ فتح باب بيت آخر فإذا فيه أيضآ عشرون نفسآ من العلويّة من ولد عليّ وفاطمة 8 مقيّدون ، فقال لي : إنّ أمير المؤمنين يأمرک بقتل هؤلاء، فجعل يخرج إليّ واحدآ بعد واحد فأضرب عنقه ويرمي به في تلک البئر، حتّى أتيت إلى آخرهم ، ثمّ فتح باب البيت الثالث ، فإذا فيه مثلهم عشرون نفسآ من ولد عليّ وفاطمة 8 مقيّدون عليهم الشعور والذوائب فقال لي : إنّ أمير المؤمنين يأمرک بقتل هؤلاء أيضآ، فجعل يخرج إليّ واحدآ بعد واحد فأضرب عنقه ويرمي به في تلک البئر، حتّى أتيت على تسعة شعر نفسآ منهم ، وبقي شيخآ منهم عليه شعر، فقال لي : تبّآ لک يا ميشوم ، أيّ عذر لک يوم القيامة إذا قدمت على جدّنا رسول الله 9 وقد قتلت من أولاده ستّين نفسآ قد ولدهم عليّ وفاطمة 8؟ فارتعشت يدي وارتعدت فرائصي ، فنظر إليّ الخادم مغضبآ وزبّرني ، فأتيت على ذلک الشيخ فقتلته ورمي به في تلک البئر، فإذا كان فعلي هذا وقد قتلت ستّين نفسآ من ولد رسول الله 9، فما ينفعني صومي وصلاتي ؟ وأنا لا أشکّ أنّي مخلّد في النار[33] .
وما أكثر وأبشع هذه الجرائم من خلفاء الجور والطغاة الجبابرة في حقّ العترة الطاهرة والذرية الطيّبة في عصرنا الراهن .
فهذا صدّام الكافر طاغية العراق ، أليس قتل أبناء رسول الله السادة من آل الحكيم ومن آل الصدر وعلى رأسهم شهيد الإسلام آية الله العظمى السيّد محمّد باقر الصدر 1 واُخته العلوية الطاهرة بنت الهدى سلام الله عليهم .
هذا وممّـا يستدلّ على تكريم الذرّية الطيّبة من أبناء رسول الله 9 أنّه ورد في الأخبار النبويّة (المرء يحفظ في ولده ) فمن الأدب الإسلامي ومن النوافل والمستحبّات أنّه إذا مات الإنسان فإنّه يحفظ في أولاده فيكرمون من أجل آبائهم ، وهذا أمر وجداني كما يدلّ عليه الشرع المقدّس .
يكفيک شاهدآ ما جاء في قصّة موسى الكليم والخضر 8 في قوله تعالى : (فَانطَلَقَا حَتَّى إذَا أتَيَا أهْلَ قَرْيَةٍ آسْتَطْعَمَا أهْلَهَا فَأبَوْا أنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارآ يُرِيدُ أنْ يَنقَضَّ فَأقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أجْرآ)[34] ، ثمّ قال
سبحانه : (وَأمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أبُوهُمَا صَالِحآ فَأرَادَ رَبُّکَ أنْ يَـبْلُغَا أشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّکَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أمْرِي ذَلِکَ تَأوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرآ)[35] .
فالله سبحانه أكرم الغلامين بتحريک عواطف الخضر 7 فأمره أن يبني الجدار الذي كان على وشک الانهدام ، وهذه العناية الربانية للغلامين كان بسبب اليتم (لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ ) ولكون أبوهما صالحآ (وَكَانَ أبُوهُمَا
صَالِحآ)، فيكرم الولد ويحفظ في أمواله وفي نفسه بطريق أولى من أجل إيمان وصلاح والده .
ومن هذا المنطلق علينا أن نحترم ونكرّم ونراعي شؤون ذرّية الرسول 9 من أجل أجدادهم المعصومين الطاهرين ، من أجل رسول الله وحبيبه محمّد 9 وأمير المؤمنين أسد الله الغالب عليّ بن أبي طالب 7 وسيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء 3.
ثمّ تثبت سيادة السيّد بالشياع المفيد للعلم ، وبشهادة أهل الخبرة من علماء النسب ، وما جاء في مصنّفاتهم ، وبشهادة عدلين مع اجتماع شرائط الشهادة كما في الفقه الإسلامي .
ــ عن أبي عبد الله 7 قال : النظر إلى آل محمّد عبادة[36] .
ــ قال أبو عبد الله 7: من وصلنا وصل رسول الله 9 ومن وصل رسول الله 9 فقد وصل الله تبارک وتعالى[37] .
ــ عن أمير المؤمنين 7 قال : قال رسول الله 9: من اصطنع إلى أحد من أهل بيتي يدآ كافيته يوم القيامة .
ــ عن الصادق عن آبائه : قال : قال رسول الله 9: من وصل أحدآ من أهل بيتي في دار الدنيا بقيراط كافيته يوم القيامة بقنطار.
ــ عن الإمام الرضا 7، عن آبائه :، قال : قال رسول الله 9 : حرمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي ، ومن صنع صنيعة إلى
أحد من ولـد عبـد المطّلب ولم يجازه عليها فإنّي اُجازيه غدآ إذا لقيني يوم القيامة[38] .
ــ عن الساباطي قال : أصبت شيئآ على وسائد كانت في منزل أبي عبد الله 7 فقال له بعض أصحابنا: ما هذا جعلت فداک ؟ وكان يشبه شيئآ يكون في الحشيش كثيرآ كأنّه خرزة . فقال أبو عبد الله 7: هذا ممّـا يسقط من أجنحة الملائكة ، ثمّ قال : يا عمّـار، إنّ الملائكة لتأتينا وإنّها لتمرّ بأجنحتها على رؤوس صبياننا، يا عمّـار، إنّ الملائكة لتزاحمنا على نمارقنا[39] .
ــ عن مسمع ، قال : كنت لا أزيد على أكلة في الليل والنهار، فربما استأذنت على أبي عبد الله 7 وأخذت المائدة لعلّي لا أراها بين يديه ، فإذا دخلت دعا بها فأصبت معه من الطعام ولا أتأذّى بذلک ، وإذا عقّبت بالطعام عند غيره لم أقدر على أن أقرّ ولم أنم من النفخة ، فشكوت ذلک إليه وأخبرته بأنّي إذا أكلت عنده لم أتأذّ به . فقال : يا أبا سيّار، إنّک لتأكل طعام قوم صالحين تصافحهم الملائكة على فرشهم ، قال : قلت : يظهرون لكم ؟ قال : فمسح يده على بعض صبيانه ، فقال : هم ألطف بصبياننا منّا بهم[40] .
ــ قال : إنّ الملائكة تطأ فرشنا وتمسح رؤوس صبياننا.
ــ عن عليّ 7 قال : قال رسول الله 9: أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة : المكرم لذرّيتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي لهم في اُمورهم عندما اضطرّوا إليه
والمحبّ لهم بقلبه ولسانه[41] .
عن سلمان الفارسي ، قال : قال رسول الله 9: يا سلمان ، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي ، ومن أبغضها فهو في النار، يا سلمان ، حبّ فاطمة ينفع في مائة موطن ، أيسر تلک المواطن الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة ، فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ، ومن رضيت عنه رضي الله عنه ، ومن غضبت عليه فاطمة غضبتُ عليه ، ومن غضبت عليه غضب الله عليه ، يا سلمان ، ويل لمن يظلمها ويظلم ذرّيتها وشيعتها[42] .
ــ زيد بن عليّ بن الحسين عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم ، قال : شكوت إلى رسول الله 9 حسد الناس لي ، فقال : أما ترضى أن تكون رابع أربعة ؟ أوّل من يدخل الجنّة أنا وأنت والحسن والحسين ، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا، وذرّيتنا خلف أزواجنا، وشيعتنا خلف ذرّيتنا[43] .
ــ عن أبي هريرة ، عن النبيّ 9: ما بال أقوام يؤذون نسبي وذا رحمي ؟ ألا من أذى نسبي وذا رحمي فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله عزّ وجلّ[44] .
ــ عن أنس بن مالک ، قال : أتى رسول الله 9 ذات يوم ويده في يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7، ولقيه رجل فقال له : يا فلان لا تسبّوا عليّآ
فإنّ من سبّه فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ الله، والله يا فلان إنّه لا يؤمن بما يكون من عليّ وولد عليّ في آخر الزمان إلّا ملک مقرّب أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ، يا فلان ، إنّه سيصيب ولد عبد المطّلب بلاء شديد وأثرة وقتل وتشريد، فالله الله يا فلان في أصحابي وذرّيتي وذمّتي فإنّ لله يومآ ينتصف فيه للمظلوم من الظالم .
ــ عن أبي سعيد الخدري عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله 9 يقول على المنبر: مابال أقوام يقولون : إنّ رحم رسول الله لا ينفع يوم القيامة ، بلى والله إنّ رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة ، وإنّي أيّها الناس فرطكم يوم القيامة على الحوض ، فإذا جئتم قال الرجل : يا رسول الله أنا فلان بن فلان ، فأقول : أمّا النسب فقد عرفته لأنّكم أخذتم بعدي ذات الشمال وارتددتم على أعقابكم القهقرى[45] .
ــ وقال 9: إذا قمت المقام المحمود تشفّعت في أصحاب الكبائر من اُمّتي فيشفعني الله فيهم ، والله لا تشفّعت فيمن آذى ذرّيتي .
ــ وقال 9: من آذى شعرة منّي فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله عزّ وجلّ ، ومن آذى الله لعنه الله ملء السماوات وملء الأرض .
ــ وقال 9: حرمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي أو قاتلهم أو أعان عليهم أو سبّهم ، اُولئک لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلّمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم .
ــ وقال 9: اشتدّ غضب الله على من آذاني في عترتي[46] .
[1] () بحار الأنوار :93 217، الباب 27.
[2] () البحار :93 218، عن أمالي الصدوق : 170.
[3] () أمالي الصدوق : 176.
[4] () عيون أخبار الرضا :2 51.
[5] () الشورى : 23.
[6] () فضائل السادات ؛ للسيّد محمّد أشرف ميرداماد: 277.
[7] () فاطر: 32.
[8] () التحريم : 4.
[9] () من لا يحضره الفقيه :2 3، التهذيب . فروع الكافي :4 60.
[10] () من لا يحضره الفقيه :2 5.
[11] () فضائل السادات : 486.
[12] () فاطر: 32.
[13] () فضائل السادات : 21.
[14] () النساء: 159.
[15] () يوسف : 92.
[16] () البحار :93 223، عن العيون :2 63.
[17] () البحار :36 381، عن الغيبة للشيخ الطوسي : 106، وإعلام الورى : 367.
[18] () أمالي الطوسي :1 342.
[19] () أمالي الطوسي :1 365.
[20] () البحار :93 234.
[21] () العيون :2 234.
[22] () راجع البحار :93 234.
[23] () العروة الوثقى : كتاب النكاح ، الفصل السابع في المحرّمات بالمصاهرة ، المسألة 50.
[24] () العروة الوثقى :2 838.
[25] () و(3) فضائل السادات : 20.
[26]
[27] () الأحزاب : 33.
[28] () فضائل السادات : 241.
[29] () البحار :43 214.
[30] () الرحمن : 60.
[31] () الشورى : 23.
[32] () تأريخ الطبري :7 546، ومقاتل الطالبيّين : 181.
[33] () عيون أخبار الرضا :2 101.
[34] () الكهف : 77.
[35] () الكهف : 82.
[36] () البحار :26 227، عن المحاسن : 62.
[37] () المصدر والمرجع .
[38] () المصدر، عن العمدة : 36.
[39] () البحار :26 353، عن البصائر: 26.
[40] () المصدر والمرجع .
[41] () البحار :27 78.
[42] () البحار :27 116.
[43] () المصدر، عن العمدة : 25.
[44] () البحار :27 227. ولا يخفى أنّ سند هذه الروايات الأخيرة من طرق العامّة كأبي هريرة ،وإنّما نقلتها هنا إذ المصدر هو بحار الأنوار، وهو من كتب الخاصّة ، فتدبّر.
[45] () أمالي المفيد: 374.
[46] () الروايات من ثواب الأعمال وعقابها: 587.
الصفحة السابقةالصفحة التالية
الحمد لله
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire